واشنطن لا تعمل بالطريقة التي يظن الناس أنها تعمل بها. وحين يستطيع الناس الاطلاع على الطريقة التي تعمل بها فعلاً سيغضبون. وأغلب السلطة الحقيقية ليست في أيدي أعضاء مجلس الشيوخ أو وزراء الإدارة أو السفراء. الأشخاص الذين يحركون الأمور ليس لديهم مكتب أو غرفة لها إطلالة جيدة. إنهم أشخاص من مستوى أو مستويين يشغلون الآلة من الداخل. وحين ينجحون لا يدرك الجمهور وجودهم والجمهور أقل إدراكاً بكثير لنفوذهم. هؤلاء هم «أهل كهف» في واشنطن. ومن حين لآخر يظهر أو يخرج واحد من أهل الكهف ويتفحصه الجمهور. والنتائج نادراً ما تكون جيدة. وهذا يرجع في جانب منه إلى أن الناس المهمين للغاية الذين يعمل سكان الكهوف معهم يغضبون بشدة من أن يسرق المسؤول الصغير الأضواء منهم. وبعض سكان الكهوف يمكنهم أن يستخدموا الفرصة لتصفية الحساب. وهذا ما حدث الأسبوع الماضي حين قدم «ديفيد صامويل» عرضاً في «نيويورك تايمز لشخصية نائب مستشار الأمن القومي. بالنسبة للناس من خارج واشنطن قد يبدو التقرير كما لو أنه صورة متألقة لكاتب شاب طور علاقة مقربة من الرئيس وارتقى إلى موقع السلطة داخل البيت الأبيض. لكن داخل واشنطن كان رد الفعل سلبياً تماماً. والتقط خبراء السياسة الخارجية الوصف الذي قدمه «رودس» عن حملة الدفاع عن صفقة إيران ليروا فيه دليلاً على أن البيت الأبيض كذب على الشعب الأميركي ورواغ الصحافة. وهاجم صحفيون بارزون شخصية «ردوس» ونعتوه بصفات على أساس ما يبدو أنه شماتة من جانبه تجاه خيبة المساعي المناهضة للصفقة. ومساء يوم الأحد الماضي، أجبر ضجيج الانتقادات «رودس» على أن يكتب تدوينة على موقع «ميديم» يوضح فيها تصريحاته التي أدلى بها للمجلة عن كيفية الترويج لصفقة إيران للجمهور. ونفى أن يكون البيت الأبيض قد تلاعب بعرض الحقائق. واعتذر تقريباً عن قوله إن معظم الصحفيين «لا يعرفون شيئاً حرفياً». ودافع عن صفقة إيران. وفي نهاية التدوينة اعترف رودس بأكبر خطيئة ارتكبها أثناء حديثه مع المجلة وهي أنه قلل من أهمية رؤسائه. وكتب أن المفقود في قصة «نيويورك تايمز» هو«العمل البطولي الذي قام به فريق الدبلوماسيين والخبراء الذين صمموا الصفقة وتفاوضوا فيها عبر سنوات... قادهم أشخاص مثل الوزراء جون كيري وايريني مونيز وويندي شيرمان وبيل بيرنز وجاك سوليفان... كان عملي دعمهم». «رودس» استجاب لطلب «نيويورك تايمز»، رغم أنه لا يحب الظهور. وهنا كان خطأ «رودس». أهل الكهف يغامرون كثيراً حين يتحدثون علناً عن تكتيكاتهم، ذلك لأن رودس تفاخر بالتغلب على أعدائه وكشف المسكوت عنه. لكن «رودس» قام بما يقوم به أي شخص في موقعه وبمهارة. والتكتيكات التي رأيتها من خصوم معركة صفقة إيران كانت مثيرة للخلاف بالمثل. عمل «رودس» مع كبار مسؤولي السياسة الخارجية من «الديمقراطيين»، ثم عمل في حملة لعضو في مجلس الشيوخ أصبح رئيساً. لكن في وقت مبكر من إدارة أوباما قرر«رودس» أنه لا يتطلع إلى أن يشق مشواره المهني في واشنطن وبدأ يعمل وفقاً لهذا. ولرودس أنصار من الموظفين الشبان المخلصين في البيت الأبيض وبعض الحلفاء الكبار في وكالات أخرى معظمهم عرفهم منذ الحملة الرئاسية لعام 2008. لكنه اتبع نهجاً مثيراً للخصومة لمعظم أهل الكهف الآخرين. وتكاثر أعداؤه على امتداد الطريق إلى اللحظة التي خرج فيها إلى الشمس. وذكر زميله في البيت الأبيض«جون فارو» أن «رودس» لا يبالي بالمرة بما يقوله الآخرون عنه من داخل واشنطن:«اعتقد أنه كان ينظر دوماً لوجوده هناك باعتباره مؤقتاً». وهذا الميل ساهم في جعل واشنطن تفرح هكذا بتمزيق واحد من أهلها عندما جاء دوره. جوش روجين: محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»