أصبح دونالد ترامب الأسبوع الماضي المرشح المسمى عن الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. لكن أولئك الذين سينتظرون نتيجة هذا الاختيار بفضول حتى شهر نوفمبر، عليهم الانتباه إلى أن «الترامبية» أو «سياسة نشر البغضاء وزرع الخوف»، عانت من هزيمة منكرة الأسبوع الماضي. وأشير بذلك إلى انتخاب المحامي والمدافع السابق عن حقوق الإنسان «صديق خان» لمنصب عمدة مدينة لندن. وهو ابن سائق الحافلة الباكستاني الذي أضاف إلى فريق العمل الذي شارك في حملته الانتخابية «رجالا مثليين» وامرأة يهودية، وسوف يحكم هذا الطاقم العاصمة الأوروبية الضخمة التي تمسكت بمبدأ العيش في ظل المجتمعات المختلطة. وقال خان في اليوم التالي لانتصاره إن معارضيه من حزب المحافظين كانوا يعتزمون «تقسيم المجتمعات اللندنية في محاولة منهم لكسب أصوات الناخبين»، واستخدموا «سلاح التخويف والتلويح بضرب مختلف الإثنيات والمجموعات الدينية بعضها ببعض، وبما يحاكي تماماً قواعد اللعبة التي يتبعها ترامب». وكثيراً ما حاول «زاي جولدسميث» المرشح للمنصب عن المحافظين الإساءة لسمعة خان عبر ربطه بالمتطرفين المسلمين واتهامه بتعريض مجتمع لندن للخطر. حتى أن رئيس الوزراء دافيد كاميرون اتهمه أيضاً بالاشتراك في منصة إعلامية تتعاطف مع تنظيم «داعش»! وكنت أحد الهندوس المقيمين في لندن الذين تلقوا رسالة من رئيس الوزراء يحث من خلالها «مجتمعنا» على التصويت لصالح «جولدسميث». وتحدثت الرسالة عن العلاقة الوثيقة لكاميرون وجولدسميث برئيس الوزراء الهندوسي القومي ناريندرا مودي ومشاركتهما في الاجتماع الذي عقده مودي في ستاد ويمبلي العام الماضي. وذهب به الأمر إلى حد تحذيرنا من أننا إذا كنا نحب مودي بالفعل فعلينا ألا نتحول إلى «فئران تجارب في تجربة سياسية ضخمة» يشرف عليها «الرجل الخطير خان»! ووصلت رسائل مشابهة من كاميرون لتجمعات دينية أخرى مثل السيخ والتاميل دون توجيه رسائل إلى المسلمين. ووصلت إحدى الرسائل إلى امرأة يهودية تدعى «برباره باتيل»، وهي باحثة في علم الكيمياء الحيوية ومتزوجة من مسلم، وبما يفضح الممارسات العنصرية بأبعادها الإثنية والدينية. وكتب «جولدسميث» مقالاً في صحيفة التابلويد «الديلي ميل»، زعم فيه أن خان «يشرعن» الممارسات المتطرفة للدرجة التي دفعته للظهور في صورة لباص لندني بعد تدميره بهجوم إرهابي في 7 يوليو 2005. وهكذا اتصفت محاولة الخلط بين الإرهاب والإسلام في عقول الناخبين، بالغدر والخداع. وأول ما فعلته الترامبية هو الاهتمام بقضية مؤسساتية غير عادية تتعلق بالبيت الأبيض، وهي أن «نزيله» يحمل اسماً وسيطاً (اسم الأب) هو حسين. وفاز الرئيس الروسي بوتين بإعجاب الأحزاب اليمينية في أوروبا، بسبب مواقف مشابهة لتلك التي ينتهجها دعاة الترامبية. وتمثل التغير الأكثر إثارة للدهشة في اختيار الحزب الحاكم لأقدم ديمقراطية في العالم (بريطانيا) الاقتداء باستراتيجية ترامب وبما قد يؤدي إلى انهيار ثقة شريحة واسعة من البريطانيين بسياسة المحافظين. ولا شك أن التفويض السياسي الذي حظي به خان، وهو أضخم تفويض يناله سياسي في التاريخ الانتخابي البريطاني، قد تعرض للتشويه عندما تجرأ البعض على الاقتباس من قواعد لعبة ترامب، في لندن التي جعلها المهاجرون المدينة الأكثر تميزاً بعالميتها. ولا يمكن للمرء إلا أن يأمل بأن تلحق بسياسة ترامب المعادية للأجانب قصاصها العادل في بلد قام أصلاً على أكتاف المهاجرين.. فِلننتظر نوفمبر المقبل. كاتب وروائي هندي فائز بجائزة «ويندهام- كامبيل» في الأدب عام 2014 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»