في كتاب «الرفيقان»، يأخذ الكاتب والصحافي الأميركي مارك لاندلر القراء إلى خبايا العلاقة التي تجمع الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة خارجيته السابقة والمرشحة المحتملة للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون، العلاقة التي أطّرت النقاشات الأميركية حول الحرب والسلام طيلة السنوات الثماني الماضية، وعرفت تطوراً كبيراً حيث انتقلت من تنافس وتدافع أثناء الانتخابات التمهيدية عام 2008 إلى شراكة بين الرئيس ووزيرته، ثم إلى ما يشبه التنافس في وقت تسعى فيه كلينتون إلى إعادة تعريف نفسها والنأي عن أوباما تمهيداً لخوض الانتخابات المقبلة. ويرى لاندلر أن هيلاري وأوباما يجسّدان رؤيتين متنافستين ومتعارضتين لدور أميركا في العالم، فيصف أوباما باعتباره مثالياً يرفض فكرة «الاستثناء الأميركي»، بينما يقدم هيلاري باعتبارها سياسية ليبرالية تؤمن بأن من واجب الولايات المتحدة التدخل في العالم، وأن رسالة أميركا تمتد إلى «أي ركن من العالم»، مثلما قال بوش الابن ذات يوم، غير أنه لا يبرهن على أنه كان بينهما يوماً ما صدام بين رؤيتيهما للسياسة الخارجية. وفيما يتعلق بالمنطقة العربية، يقول لاندلر إن اللحظة التي شعر فيه أوباما بأكبر مشاعر غضب تجاه هيلاري كانت أثناء «الربيع العربي» واحتجاجات ميدان التحرير، حيث كان أوباما يدفع باتجاه خلع الرئيس «مبارك»، بينما كانت هيلاري أكثر حذراً في التخلي عن حليف وصديق قديم للولايات المتحدة، ويشير لاندلر إلى أنه بعد الهجوم الذي شنه متشددون إسلاميون على البعثة الدبلوماسية الأميركي في بنغازي، أضحى أوباما، الذي كانت هيلاري قد دعته للتدخل في ليبيا، أكثر قرباً منها. ويُظهر المؤلف أيضاً أن أوباما وهيلاري سرعان ما كانا يغيّران مواقفهما في الرد على تطورات غير متوقعة، إذ كتب يقول: «من مصر إلى البحرين ومن اليمن إلى ليبيا، كان الرئيس ووزيرة خارجيته يكافحان للتوفيق بين القيم والمصالح، الآمال الديموقراطية والوقائع الجيوسياسية... كفاح بلغ أوجه مع الفظاعات التي وقعت سوريا، حيث وقفت الولايات المتحدة موقف المتفرج إزاء أبشع حرب في القرن الـ21». ويعتبر لاندلر أن أوباما وهيلاري «ليسا مجرد اثنين من أكثر الشخصيات السياسية الأشد لفتاً للانتباه في الحاضر، بل هما البطلان واللاعبان الأساسيان في نقاش كبير حول القوة الأميركية، نقاش لن يَحسم بشأن من سيجلس في المكتب البيضاوي فحسب، لكن أيضاً بشأن الاتجاه الذي سيأخذ أو تأخذ إليه بلاد تواجه صراعاً خفياً ضد قوى الفوضى». بيد أن البعض قد يرد على المؤلف فيقول إن أي خلافات بين أوباما وهيلاري حول التعاطي مع مواضيع مثل إيران أو سوريا أو الصين إنما هي حول التكتيك وليس الجوهر، ذلك أنه في العمق، كلاهما ليبراليان يؤمنان بضرورة تدخل الولايات المتحدة في شؤون العالم، بل إن لاندلر نفسه يشير إلى أنه في ما يتعلق بالتحذير من تنظيم «داعش»، مثلاً، و«كما كان عليه الحال في أحيان كثيرة مع هيلاري وأوباما، فإن الخلافات بين الاثنين لا تتعلق بالاتجاه بقدر ما تتعلق بالدرجة، ذلك أن هيلاري لم تكن تدعو إلى إرسال قوات برية إلى الشرق الأوسط، تماماً مثلما لم يكن أوباما يفعل ذلك. وعلاوة على ذلك، فإن أي خلافات بينهما تبهت مقارنة بالخلافات الموجودة داخل الحزب الجمهوري حول السياسة الخارجية، والتي تجمع على الخصوص بين المحافظين الجدد والمنادين بالانعزالية. محمد وقيف الكتاب: الرفيقان... هيلاري وأوباما والخلاف حول القوة الأميركية المؤلف: مارك لاندلر الناشر: راندم هاوس تاريخ النشر: 2016