كما يعلم الجميع، يعيش الحزب «الجمهوري» حرباً مع نفسه ويمزقه الاستياء والغضب، وقد يظل منقسماً حتى نوفمبر المقبل. لكن هذا ليس صحيحاً تماماً. الصحيح هو أن الاستياء والغضب مازالا موجودين. لكن الحزب «الجمهوري» بدأ يتحد حول «دونالد ترامب». وبعد فوز ملياردير العقارات في إنديانا، سيعلن كل شخص تقريباً انتهاء حملة الانتخابات التمهيدية. وسيكون على أعضاء الحزب إعلان إما الاتحاد حول «ترامب» أو معارضته. والخياران كلاهما مر. لكن معظم الناس سواء كانوا مسؤولين منتخبين أو أعضاء من داخل الحزب أو معلقين «محافظين»، فإن الوقوف بجانب «ترامب» حتى لو كان المرء يعارضه حتى الآن وجهة نظر لها وجاهة أكبر. وهذا هو السبب الذي جعل صفحة الافتتاحية في صحيفة «وول ستريت جورنال»، وهي من أهم الأصوات المحورية للصفوة «الجمهورية» ومنتقد دائم لـ«ترامب» حتى الآن تحث قراءها على تجاوز ذواتهم المفردة وعدم التمسك بأمل تقديم مرشح من حزب ثالث، وأن ينضموا لتأييد «ترامب» حتى لو كانت خسارته في الانتخابات محتومة. وجاء في افتتاحية الصحيفة أن «الحزب» الجمهوري سيواجه وقتاً صعباً بما يكفي للتعافي من ثالث خسارة رئاسية. وآخر ما يحتاج إليه الحزب هو تقديم اعتذار للسيد «ترامب» وحلفائه على اللوم على هزيمة حدثت نتيجة طعنة في الظهر من «جمهوريين» آخرين. وهذه وصفة لمزيد من الحرب الأهلية وفشل ذريع آخر عام 2020، إذا خسر السيد «ترامب» يتعين على أنصاره أن يفهموا أنه المسؤول عن سقوطه. ويتعين على الناخبين «الجمهوريين» معرفة أن عزل غير البيض والنساء والشباب استراتيجية خاسرة». وهذا ليس تأييداً رناناً. لكنه في الواقع أقل ما يستطيع العضو «الجمهوري» فعله. فليس من الضروري أن تعمل بجد لمصلحة «ترامب»، لكن لا تنشط في معارضته على الأقل. والدعم الذي يحصل عليه «ترامب» في الانتخابات التمهيدية مازال يتصاعد وتجاوز حالياً 50 في المئة في متوسط لاستطلاع أجرته «هوفنجتون بوست»، ولا يعني هذا أن هناك ثقة في أن «الجمهوريين» سيتحدون. ففي استطلاع جديد للرأي أجرته شبكة «سي. إن. إن»، على سبيل المثال، ذكر 49 في المئة من «الجمهوريين» أن حزبهم سينقسم في نوفمبر. وعلى كل حال، فمهما يكن من كثرة عدد «الجمهوريين» الذين يكرهون حقاً «ترامب» ويعتقدون أنه سيئ لحزبهم، فإن تأييده منطقي بالنسبة لغالبيتهم. ودعنا نفترض أنك عضو «جمهوري» في الكونجرس. وتطالع استطلاعات الرأي وترى غالبية الناخبين في دائرتك يؤيدون «ترامب»، وحين يصبح «ترامب» مرشح الحزب، فلن تكون نسبة «الجمهوريين»، الذين يؤيدونه 50 في المئة، بل 80 في المئة أو أكثر. ومعارضة رغبات الناخبين في دائرتك لن تهدد عملك فحسب، بل ستجعلك تجد صعوبة في شرح كيف كان من الأفضل أن تكون هيلاري كلينتون رئيساً. و«الجمهوريون» لن يختاروا بين «ترامب» ومرشحين آخرين من الحزب «الجمهوري»، بل بين «ترامب» و«هيلاري»، وهذه الاحتمالية هي ما جعلت كثيراً من «الجمهوريين» ينتقدون «ترامب»، ثم أعلنوا بطريقة القطيع أنهم سيدعمون مرشح حزبهم مهما تكن شخصيته. وقد يزعم المرء أن فوز كلينتون قد يكون أفضل لكثيرين منهم بالفعل. فالوجود في صفوف المعارضة في سنوات أوباما كان جيداً ليس فقط لـ«الجمهوريين» في الكونجرس، لكن أيضاً «الجمهوريين» على مستوى الولايات. فهم يستطيعون إنفاق السنوات الأربع التالية في معارضة البيت الأبيض في انتظار محافظ حقيقي يقودهم إلى أرض الميعاد «الجمهورية» في انتخابات عام 2020. لكنهم لا يستطيعون إعلان أملهم في أن يخسر «ترامب»، بل يقولون إن «ترامب» ليس خيارهم الأول، لكن الأهم لديهم هو توحيد الحزب للتصدي لهيلاري. وفي الأيام المقبلة، سترون طائفة من الردود من «الجمهوريين» على ترشيح «ترامب»، سنشهد قبولاً على مضض من أشخاص مثل الذين في هيئة تحرير صحيفة «وول ستريت جورنال»، الذين لن يضطروا إلى خسارة وظائفهم، إذا مني «ترامب» بهزيمة ساحقة. و«الجمهوريون» المنتخبون سيحثون بوضوح أكبر جمهور دوائرهم الانتخابية على التصويت لـ«ترامب». وقد يحاول بعضهم إقناع نفسه بأن رئاسة «ترامب» تخدم أهداف «المحافظين»، ألن يوقع «ترامب» حين يصبح رئيساً على مشروعات القوانين التي يرسلونها إليه؟ ومن سيشغل آلاف الوظائف في الحكومة، ألن يكونوا «الجمهوريين»، أصحاب الخبرة السياسية الذين كانوا سيشغلون المناصب سواء كان الرئيس «ترامب» أو «روبيو؟»، وحتى يحل نوفمبر، فان الانقسامات في حملة الانتخابات التمهيدية لن تُنسى، لكنها ستنحى جانباً حتى تحقيق الهدف الأكثر إلحاحاً، وهو التصدي لكلينتون. وهذا هو ما سيوحد الحزب «الجمهوري»، وليس أي شيء آخر يتعلق بـ«ترامب». هذا على الأقل حتى يوم الانتخابات وبعدها يستطيعون أن يبدأوا الشجار ثانية فيما بينهم. باول والدمان: كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»