مع تزايد احتمالات عزل الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف من منصبها بقرار نيابي، بات الوقت مناسباً للتعريف بخليفتها المنتظر «مايكل تامر»، هذا الرجل الذي يلقبه الكثيرون باسم «فرانك أندروود البرازيلي». ويقول منتقدوه بأنه كثير الشبه بفرانك، وهو شخصية وظفها المخرج كيفن سبيسي في مسلسل «بيت من ورق». فقد كرر تامر دوراً شبيهاً بدور فرانك في المسلسل، عندما قفز إلى منصب نائب رئيسة البرازيل عن طريق كسب ثقتها، ثم ما لبث أن تآمر عليها في الكونجرس عندما تعاون مع نواب آخرين على استصدار قرار نيابي بعزلها بعد توجيه سلسلة من الاتهامات إليها كي يصبح رئيساً بدلاً منها. وسبق لتامر أن شغل منصب الناطق باسم مجلس النواب، واحتفظ بمنصبه كنائب في الكونجرس البرازيلي لفترة عقدين كاملين. وكرئيس لحزب «الحركة الديمقراطية البرازيلية»، دعته روسيف للتحالف معها في الانتخابات الرئاسية عام 2010 طمعاً في كسب تأييد حزبه في السباق. وبعد فوز روسيف، احتفظ بموقع الرجل الثاني في البرازيل. وتامر، شأنه في ذلك كشأن العشرات من أعضاء الكونجرس البرازيلي، هو الآن قيد البحث والتحقيق في فضيحة الفساد الشهيرة باسم «لافا جاتو»، والتي تتعلق بقبض عمولات غير قانونية من شركة البترول الوطنية «بتروبراس»، التي وجه فيها الاتهام أيضاً لعدد من كبار السياسة ورؤساء الأحزاب. ويُذكر أن الاتهامات الموجهة لروسيف لا ترتبط بمزاعم تتعلق بالفساد، رغم أنها تخضع بدورها لعملية تحقيق في هذا الإطار، بل لمسؤوليتها عن خرق القانون عندما تلاعبت بأرقام الميزانية كي يظهر أداء حكومتها بشكل أفضل في الانتخابات الرئاسية لعام 2014. وروسيف، التي قد تُجبر على التخلي عن منصبها قبل 12 مايو المقبل، تزعم الآن أنها ضحية «انقلاب»، وأن تامر تآمر عليها. وينكر تامر هذه الاتهامات ويقول إنه كان يعاني من إهمال روسيف له منذ بضع سنوات. ويرفض المحلل البرازيلي البارز «موريللو دو آراجاو» الفكرة القائلة بأن تامر هو النسخة البرازيلية لشخصية «فرانك أندروود». ويقول: «إنه بحق اتهام غير عادل لأن تامر لم يتآمر على روسيف، وليست له أي مصلحة في فعل ذلك». وبدأت قضية توجيه الاتهامات إلى روسيف عبر قاضيين بارزين، أحدهما مؤسس حزب العمال الذي تترأسه روسيف نفسها، وفقاً لما قاله «آراجاو». وإلى ذلك فإن الاتهامات بحد ذاتها لا تشكل انقلاباً على روسيف، بل هي عملية دستورية موصوفة تتم متابعتها بطرق قانونية دقيقة. ولقد تم إثبات التهم من قبل لجنة برلمانية متخصصة في الكونجرس، بعد أن صوتت الأغلبية البرلمانية على مشروع قرار الإدانة، بمن في ذلك نواب الائتلاف السابق الذي كان يمثل الأغلبية بقيادة روسيف. وإذا استمرت العملية واتخذ مجلس النواب قراره القطعي بصحة الاتهامات المنسوبة إلى روسيف، وهذا ما سوف يحدث بالتأكيد وفقاً لنتائج التصويت، فإن تامر سوف يصبح الرئيس البرازيلي حتى نهاية فترة ولاية روسيف في يناير 2019. وإذا قدم تامر استقالته أو تم عزله بسبب القضايا القانونية التي يواجهها، فسوف تكون هناك انتخابات مبكرة. ويفضل 62? من البرازيليين الإسراع بتنظيم الانتخابات المبكرة لاستبدال كل من روسيف وتامر معاً، وفقاً لاستطلاع رأي تم إنجازه مؤخراً. وتبين منه أن 8? فقط من العينة توافق على أن يستكمل تامر الفترة المتبقية من ولاية روسيف. وفي إطار التحضير لتقلد منصب رئيس البرازيل، سارع تامر إلى توثيق عرى الصداقة مع شخصيات حكومية بارزة، خاصة في مجال الصناعة المالية والأسواق، بمن فيهم حاكم البنك المركزي البرازيلي السابق «هنريك مايريليس» والذي قرر تعيينه وزيراً للمالية في حال تسلمه للمنصب. والآن، يعاني الاقتصاد البرازيلي من حالة انكماش تجلت بتراجع متوقع للنمو بمعدل 4? لهذا العام، وهو نفس معدل التراجع المسجل العام الماضي. وأعتقد أن ادعاء روسيف بأنها ضحية انقلاب يدعو إلى السخرية، خاصة لأن الاتهامات لم توجه إليها إلا بناءً على خطوات دستورية محسوبة. كما أنها هي وكبار أعضاء حزب العمال الذي ترأسه واجهوا اتهامات متعددة بمساعدة الرؤساء على الفوز في الحملات الانتخابية بطرق غير مشروعة عندما كانوا في المعارضة. أندريس أوبنهايمر محلل سياسي أرجنتيني مقيم في واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»