أعربت دولة الإمارات العربية المتحدة عن قلقها البالغ من تصاعد وتيرة استهداف المدنيين في سوريا، وخاصة مدينة حلب، بما في ذلك «استهداف القوات الحكومية اللاأخلاقي للمستشفيات والخدمات الطبية الضروريَّة». كما دعت إلى تحرك دولي لحقن دماء السوريين، وحذَّرت من تقويض العملية السياسية إذا ما استمرت خروقات الهدنة، وإذا تواصلت الهجمات ضد المدنيين؛ وهذا تعبير صريح وواضح عن موقف إماراتي ثابت ممَّا يجري في سوريا، والتزام لبذل كل جهد يمكن أن يسهم في تخفيف المعاناة عن الشعب السوري، وضمنه أهالي مدينة حلب، الذين تعرَّضوا في الأيام القليلة الماضية إلى ما يشبه حمماً بركانية من البراميل المتفجِّرة، التي جعلت حياتهم أشبه بالجحيم. وقد أظهرت الصور الواردة من هناك فظائع يعجز المرء عن وصفها؛ حيث هُدِمَت البيوت على الأطفال والنساء وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، بل حتى المستشفيات لم تسلم، وقُتِل وجُرِح فيها عشرات المرضى والأطباء والممرضين، وبرغم الإدانات الدولية، والمناشدات الأممية، واعتبار استهدافها جريمة حرب، فلا تزال المشافي والأحياء السكنية والأسواق الشعبية في المدينة أهدافاً عسكرية، من دون أيِّ اعتبار أخلاقي أو إنساني. ومن هنا؛ فإن هناك حاجة ماسَّة إلى تكثيف الجهود الدولية من أجل وقف نزف الدم المستمر في هذا البلد العربي منذ خمس سنوات، ويجب أن تكون هذه الجهود على الجبهات كلِّها؛ حيث لا بد من تحرك إقليمي ودولي، وفي الوقت نفسه تحرك أممي من خلال «مجلس الأمن الدولي»؛ فالمجلس هو المسؤول عن حفظ الأمن والسلم الدوليَّين، ويجب أن يضطلع بدور أكبر لحماية المدنيين في هذه الحرب المدمِّرة. وقد أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة ضرورة تحمُّل المجلس مسؤولياته، خاصة في تنفيذ القرار 2254، وضرورة حقن دماء المدنيين السوريين الذين يتعرَّضون للقتل والتشريد نتيجة استمرار المعارك والإصرار على حسم الصراع عسكرياً، ومطالبة النظام السوري بالتزام تطبيق وقف إطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصَرة. وهذا ما تطالب به دولة الإمارات العربية المتحدة منذ البداية؛ حيث تعمل من دون كلل مع كل القوى الإقليمية والدولية من أجل البحث عن حل للأزمة، وهو الحل الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عملية سياسية تتطلَّب من أطراف النزاع تقديم تنازلات، تتيح التوصُّل إلى اتفاق حل وسط، وهو الحل الذي كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أولى الدول التي دعت إليه منذ بداية الأزمة. كما أن حقن دماء السوريين يتطلَّب، من دون شك، بذل المزيد من الجهود من قبل الدول الكبرى، وخاصة روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية؛ لأنهما في ظل الظروف القائمة الأقدر على إجبار الأطراف المنخرطة في القتال على احترام وقف إطلاق النار، والمضيِّ قدماً في طريق الحل السياسي. ولن يكون مجدياً، بل لن يكون ممكناً، إجراء مفاوضات سياسية، وهناك معارك وخروقات وقتل للمدنيين وتدمير للأحياء. وبينما تدعو دولة الإمارات العربية المتحدة باستمرار إلى تحرك دولي حقيقي لإنهاء الأزمة، فإنها تقوم بعمل مشهود في مجال إغاثة الشعب السوري ومساعدته، وهناك جهود رسمية وشعبية كبيرة ومتواصلة من أجل تقديم الخدمات إلى المخيمات التي تُؤوي اللاجئين السوريين في دول الجوار السوري؛ ولعل هذا أحد أهم الأعمال التي تخفِّف من معاناة الشعب السوري، كما تعكس الوجه الإنساني للسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تحرص على توفير جميع أشكال الدعم للشعوب المتضرِّرة من الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية من دون أيِّ سبب من أسباب التمييز؛ وهو ما أصبح أحد الثوابت الراسخة في علاقات الإمارات بدول العالم كافة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية