تراجع دور محور باريس - برلين.. وإدانة إسلامية لإيران ليبراسيون نشرت الصحفية «سيسيل دوماس» في جريدة ليبراسيون مقالاً بعنوان: «أوليفييه روا وجيل كيبل، مناجزة فرنسية حول (الجهادية)»، استعرضت فيه جوانب من السجال الإعلامي والفكري الجاري بين كل من «روا» و«كيبل»، وهما من أبرز المستعربين الفرنسيين المتخصصين في الدراسات المتعلقة بالجماعات الإسلامية المتطرفة. وقالت الكاتبة، إن افتراق الرؤية واختلاف المقاربة بين هذين الخبيرين الفرنسيين بدأت تظهر ملامحه بوضوح مع زيادة الطلب الإعلامي والسياسي على استشارتهما بعد هجمات باريس خلال العام الماضي، حيث تبين أنهما يتبنيان رؤيتين متباعدتين حول أنجع السبل لاحتواء خطر العناصر «الجهادية» الفرنسية، ومن وراء ذلك صد التهديد الذي تمثله الجماعات الإرهابية بصفة عامة، الذي اكتوت بناره مؤخراً عواصم أوروبية مهمة مثل باريس وبروكسل. وقد ظهر منذ البداية أن «روا» و«كيبل» غير متفقين في الإجابة عن السؤال الذي ردده كثير من الفرنسيين بعد الهجمات: هل علينا أن ننطلق في محاربتنا للإرهاب من تصحيح فهم الدين نفسه، أم من تجفيف منابع وجذور التطرف والعنف الراديكالي؟ وبعبارة أخرى: ما العمل؟ وما الذي يتعين علينا فعله لضمان عدم تكرار وقوع مثل هذه الهجمات الدموية على مدننا الأوروبية؟ ثم، كيف نفهم نفسيات وخلفيات الشباب المتطرفين أنفسهم؟ وكيف يتم استقطابهم واستكتابهم من طرف الجماعات الإرهابية ودعاتها الدمويين؟ وقد ذهب «روا» منذ البداية إلى أن النزعة «الجهادية» المتطرفة هي ضرب من «العصيان العبثي»، بحسب مقال نشره في صحيفة لوموند في يوم 25 نوفمبر، أي بعد فترة وجيزة من وقوع هجمات 13 نوفمبر في باريس. وقد ذاعت من هذا المقال، بصفة خاصة، عبارة «روا» التي قال فيها إن «الأمر لا يتعلق بردكلة الإسلام، وإنما بأسلمة الراديكالية»! كما أن التطرف العنيف الذي وقعت فرنسا ضحية له ليس مسألة دين، بقدر ما هو تعبير عن «تمرد جيلي»، وقع كثير من شباب الضواحي، اليائس والبائس، في فخاخه. وفي المقابل، ظل كيبل يدافع عن الطرح المعاكس لهذا الرأي، حيث يرى أن نقطة الانطلاق ينبغي أن تكون من تقويم الفهم المغلوط للدين لدى بعض الشباب الأوروبي القاصر، كما يؤكد أن المسألة الليلية في صفوف التيار الفرنسي المتطرف تبدو غير ذات معنى، حيث إن المتطرفين في فرنسا جيل واحد، مثلما يصدرون أيضاً عن تيار «سلفي جهادي» واحد. لوموند في صحيفة لوموند كتب الخبيران السياسيان الألماني «جوزف جانينغ» والفرنسي «مانويل لافون رابنوي» مقالاً بعنوان: «لماذا لم يعد المحرك الفرنسي- الألماني يتقدم؟»، تحدثا فيه عن تراجع فاعلية محور باريس- برلين، باعتباره المحرك القائد للمشروع الاتحادي الأوروبي برمته، وذلك نظراً لمصاعب جمعة تواجهها فرنسا وألمانيا الآن، كلاً على حدة، هذا زيادة على مآزق الاتحاد الأوروبي الجارفة الأخرى، التي تضرب البيت الأوروبي في مجموعه ككل، فضلاً عن شبح انسحاب الطرف الأوروبي الثالث الأهم، وهو المملكة المتحدة من الاتحاد، حيث تقرر تنظيم استفتاء على ذلك في 23 من شهر يونيو المقبل. وقال الكاتبان، إن مشكلات أوروبا لم تعد تفعل شيئاً سوى التفاقم والغوص في التعقيدات السياسية والاقتصادية العميقة والبنيوية، حيث تجد ألمانيا وهي أكبر وأغنى اقتصاد أوروبي نفسها عالقة في عين عاصفة أزمة اللاجئين، وقد استقبلت في العام الماضي وحده أكثر من مليون قادم جديد، ما أثقل كاهلها بأعباء اقتصادية واجتماعية جسيمة، وأثر بشكل سلبي على اصطفافاتها السياسية الداخلية، إلى حد بعيد. ولذا تتطلع برلين بشغف لرؤية تضامن وتعاون أكبر في رفع هذا العبء من قبل شركائها الأوروبيين الآخرين. غير أن تحركات باريس التي تبدي التضامن مع برلين، تبدو أيضاً مختلفة في أولوياتها، وهي التي تعرضت لهجمات إرهابية صاخبة خلال العام الماضي، حيث تريد أولاً وقبل كل شيء رؤية تعاون وتنسيق أكبر في مواجهة تحدي الإرهاب، الذي ضرب كذلك بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي نفسه. وفي آخر المقال، خلص الكاتبان إلى أن الاعتقاد بأن ألمانيا وفرنسا تستطيعان وحدهما تسوية المشكلات الأوروبية كافة هو ضرب من التفكير بالتمني، أو الوهم بكل بسلاطة. ولكن عدم كفاية تضامنهما وتعاونهما وافتقارهما أيضاً إلى رؤية مشتركة يسحب البساط من تحت أقدام الاتحاد، في وقت حافل بالتصعيد عالي المخاطر والتحديات المصيرية الجارفة. لوفيغارو «منظمة التعاون الإسلامي، والدول الإسلامية تدينان إيران»، تحت هذا العنوان وصفت صحيفة لوفيغارو ما تكشّفت قمة التعاون الإسلامي التي اختتمت أعمالها أول من أمس، الجمعة، في مدينة إسطنبول التركية، مؤكدة أن القادة ورؤساء الوفود دانوا في بيانهم الختامي بشكل صريح، لا لبس فيه، ممارسات إيران وتدخلاتها في شؤون الدول الأخرى ودعمها للجماعات المتطرفة والإرهابية. وقالت الصحيفة: «لقد استنكر البيان الواقع في 218 نقطة تدخل إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ودول أخرى أعضاء في المنظمة، بما في ذلك البحرين، واليمن، وسوريا، والصومال. وشجب دعمها المستمر للإرهاب». كما دان البيان أيضاً بقوة «الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد بإيران». كما رفضت الدول الإسلامية بشكل قاطع «البيانات النارية المتوالية من قبل إيران ضد تنفيذ أحكام القضاء بإعدام منفذي جرائم إرهابية ضد المملكة العربية السعودية، واعتبرت بيانات إيران تدخلاً صارخاً في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية». وفي المجمل، اعتبرت الصحيفة أن قمة التعاون الإسلامي اتخذت مواقف حازمة تجاه إيران، وأظهرت إدانة واسعة لسياساتها وتدخلاتها في شؤون الآخرين. إعداد: حسن ولد المختار