يكون عادياً في بعض الأحيان أن يهرف المرء بما لا يعرف، لكن بالنسبة لمرشح رئاسي رئيسي قد ينطوي ذلك على بعض الخطورة. وعندما سأل «بوب وودوار» المرشح الجمهوري دونالد ترامب عن النجاحات التي حققها «أبراهام لينكولن»، رد بالإجابة التالية: «حسناً، أتصور أن لينكولن نجح لعدة أسباب، فقد كان رجلاً لديه ذكاء كبير، وهو ما ينبغي أن يكون عليه أي رئيس، لكنه كان رجلاً يتمتع بذكاء كبير، لكنه كان أيضاً الرجل الذي فعل شيئاً جوهرياً في ذلك الوقت، وقبل عشرين أو ثلاثين عاماً، لم يكن لأي شخص أن يتصور أن فعله كان ممكناً، لذا فإن ذلك الشيء الذي فعله كان شيئاً مهماً ليفعله، وخصوصاً في ذلك الوقت». ثم بدأ ترامب يهري بما لا يدري عن «ريتشارد نيكسون». ولعل «كاثرين ميلر» محقة عندما تساءلت على «تويتر»: «هل يعرف ترامب حقاً ما فعله لينكولن كرئيس؟». ومعظمنا يمضي في الحياة متظاهراً بأنه يعرف أموراً كثيراً، وهو في الحقيقة ليس لديه أدنى فكرة عنها. وعادة يكون ذلك مألوفاً، بل وقد يكون أساساً تُبنى عليه محادثات، فلو أقر المرء بعدم معرفته، فكل شيء سيتوقف إلى حد كبير. وبدلاً من ذلك ينصت المرء ويومئ، ويقول من وقت لآخر جملاً من قبيل: «لا أعتقد أن ذلك كان كافياً» أو «لم يكن يمكنني أن أقول أفضل من ذلك!». ويمكن أن يجري المرء محادثة طويلة بشأن اتفاقية «TTP»، والتي تعني «الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ»، ثم تكتشف بعد مرور شهر أن أحد الأشخاص الذين كانوا يناقشون المسألة معك يعتقدون أنك كنت تتحدث عن نوع مبتكر من «أوراق المراحيض»! وعادة لا يضر ذلك في شيء، فكم من شخص يتابع المسلسلات التلفزيونية، ويتظاهر بأنه لو كان طرفاً في العلاقة لأنقذها! وهناك كثير من المقامرات في المحادثات للتظاهر بعدم جهل شيء ما يبدو أن جميع الحضور على دراية به، ومن هذه المقامرات أن تنتظر شخصاً آخر ليتكلم، ثم تقول: «أتفق معك، لكن أعتقد أن علينا أن نفعل أكثر من ذلك». أو أن تقول شيئاً ثم تتظاهر بأنها كانت نكتة عندما يحدق الجميع مذهولين، ثم تقول العكس. ومن الأساليب الأخرى أن تقول إنك لم تسمع السؤال، أو يمكن تحويل المحادثة من أمر لا تعرف شيئاً إلى آخر أنت ملم به. ويمكن أن تفعل ذلك بدرجات متفاوتة من الذكاء، مثلما فعل ترامب في حملته الانتخابية بأسرها. لكن يفتضح الأمر عندما يسألك شخص سؤالاً مباشراً: «ما اسم ابنك؟»، فلا يمكنك عندئذ أن تقول: «في الحقيقة، إن ذلك سيؤثر في نهاية المطاف على البنوك!». ورغم ذلك، إذا رد أحد منا على هذا النحو فلا بأس، لكن كيف إذا رد مرشح رئاسي بهذه الطريقة؟ وربما كان من الصعب تحدي «كاريزما» ترامب، ومن ثم لم يجد التلميح إلى أن كافة أنصاره من الحمقى والمتعصبين، لكن ربما يجدي إظهار أنه في الحقيقة ليس أكثر ذكاءً من تلميذ في الصف الخامس، ويفتقر إلى «عقل كبير». والأسطورة الكبرى حول ترامب أنه وراء الكواليس يوجد شخص يعرف كل ما يفعل، وأنه في نهاية المطاف من المعركة الانتخابية ويصبح «رئيساً جديراً بالمنصب»، وهو أمر يدعو للبكاء من شدة الملل! وحتى الأسبوع الماضي، تمكن ترامب من المجاراة اعتماداً على كاريزمته لمدة ثلاثين ثانية عندما يتطلب الأمر الإجابة على سؤال. وفي المناظرة الأولى وجه إليه مذيع «فوكس نيوز» السؤال التالي: اسمه قاسم سليماني، وهو متهم بالمسؤولية عن مقتل مئات القوات الأميركية في العراق وأفغانستان. وتظهر رحلته إلى روسيا انتهاكاً مباشراً لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تلزم بحبسه في إيران، فيا سيد ترامب، لو كنت رئيساً، ماذا كنت ستفعل حيال ذلك؟ ترامب: كنت سأكون مختلفاً عن الرئيس الحالي، بل كنت سأتخذ موقفاً مناقضاً تماماً، خصوصاً أن لدينا رئيساً ليست لديه حلول، ويمكنني القول إنه ليس كفؤاً، لكني أرغب في ألا أفعل ذلك، لأن ذلك ليس أمراً جيداً على الإطلاق. (تصفيق وضحك). والحقيقة أنه بعيداً عن الضحك والتصفيق، سنجد رجلاً لا يجيب على السؤال بوضوح، وإنما يراوغ في الإجابة إلى أن يجد نقطة في حديث تستحق التصفيق! ألكساندر بيتري كاتب ومحلل أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»