تعهد المترشحان الجمهوريان دونالد ترامب وتيد كروز بالتخلص من مجموعة كاملة من الإجراءات التنفيذية المتبعة في عهد إدارة أوباما. وإذا تمخض المؤتمر العام للحزب الجمهوري عن مرشح مختلف، توقعوا وعوداً مشابهة أيضاً. بيد أن هناك سبباً وجيهاً للشك في مصداقية ذلك إذا فاز واحد منهما. والسبب الرئيسي بسيط ألا وهو القانون. ولنأخذ على سبيل المثال قضية التغير المناخي. ففي الأسبوع الماضي، قال ترامب وكروز إنهما يريدان عكس النتائج التي خلصت إليها وكالة حماية البيئة عام 2009، التي تنص على أن غازات الاحتباس الحراري تهدد الصحة العامة والرفاه. وتعد القواعد المستندة إلى هذه المعطيات شرطاً مسبقاً قانونياً للعديد من لوائح إدارة أوباما التي تهدف إلى الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والتي يقول الجمهوريون إنها تضر بالاقتصاد. وفي مقابل هذه النتائج، يقترح كروز وترامب تقليص المتطلبات التنظيمية العديدة التي فرضتها إدارة أوباما على مدار السبع سنوات الماضية. بيد أن هذا أصعب بكثير مما قد يظنان. وتتضمن لوائح التغير المناخي معايير غازات الاحتباس الحراري بالنسبة للسيارات والشاحنات، ومعايير كفاءة الطاقة للعشرات من الأجهزة مثل الثلاجات وغسالات ومجففات الملابس والمحركات الصغيرة، وقيوداً على الانبعاثات من محطات الطاقة الجديدة والقائمة. ولا يمكن لرئيس جديد أن يوقع على ورقة يلغي بها كل هذا دفعة واحدة، وبجرّة قلم. وما يستطيع عمله هو فقط توجيه رؤساء الوكالات على المستوى الوزاري لبدء عملية لإلغاء كل هذا بشكل تدريجي وفي زمن مديد. وينص القانون على معايير هذه العملية: بموجب قانون الإجراءات الإدارية لعام 1946، ينبغي أن تبدأ الوكالات بتقديم اقتراح رسمي للجمهور. وعادة ما يستغرق إخراج هذا الاقتراح ثلاثة أشهر على الأقل، وأحياناً عاماً كاملاً أو أكثر. ثم يتطلب القانون فترة ممتدة لتلقي تعليقات الجمهور، تمتد عادة لشهرين أو فترة أطول من ذلك. وبعد تلقي هذه التعليقات، تحتاج الوكالات لفترة لإنهاء مقترحاتها (ثلاثة أشهر على الأقل). وإذا كانت السلطة التنفيذية تعمل بسرعة كبيرة، ربما تكون قادرة على القيام بعملية إلغاء لائحة واحدة خلال عام تقريباً. وإذا كانت الإدارة الجديدة تعمل بأسلوب أكثر انتظاماً، وتريد فعلياً التخلص من مجموعة من اللوائح، فإن فترة عامين - نصف الفترة الرئاسية- ستكون موعداً سريعاً جداً. ولكن هذه الصورة تقلل بشكل كبير من حجم المشكلة. فكثير من الشركات قامت بتعديل سلوكها وفقاً لنتائج التعرض للخطر ولوائح التغير المناخي الأخيرة. وتقوم شركات السيارات بإنتاج سيارات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود. وقد انتقلت بعض شركات الطاقة المهمة من استخدام الفحم إلى استخدام الغاز الطبيعي. وفي كثير من الأحيان يريد القطاع الخاص القضاء على المتطلبات التنظيمية، ولكن معظم الشركات أيضاً تفضل التأكد والقدرة على التنبؤ نتائج أية خطوات قد تتخذها. وعندما تضخ الشركات استثمارات اقتصادية كبيرة في استجابة مباشرة لهذه المتطلبات، فإن بعضها لن يرحب بحدوث تغيير كبير في المسار. وهذا يهم بالنسبة لأية إدارة جديدة، لأنه ليس من السهل تماماً أن تشرح للجمهور أسباب إصرارها على إلغاء اللوائح التي يريد المستهلكون وحماة البيئة وقطاعات المهمة من القطاع المنظم أن تظل قائمة. وهناك أيضاً المحاكم الفيدرالية، التي ستلغي أية إجراءات ترى أنها تتعارض مع القانون. وربما يكون من المستحيل بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة عكس تدابير مواجهة التغير المناخي، لأن العلم يدعم ذلك بوضوح. وإذا كانت وكالة حماية البيئة تلغي لوائح الاحتباس الحراري بالنسبة للسيارات الجديدة، فإنه لن يسمح لها بإنكار كون التغير المناخي الذي يحدث بفعل البشر يمثل مشكلة خطيرة. ولن يسمح كذلك لوكالة حماية البيئة بإنكار كون غازات الدفيئة هي «ملوثات» بالمعنى المقصود في قانون الهواء النظيف. وبالتالي، فإذا كان رئيس جمهوري يريد إلغاء لوائح الاقتصاد في استهلاك الوقود وكفاءة الطاقة، فإن هذا سيمثل تحدياً كبيراً للجميع (وكذلك تضييعاً للوقت)، ولن يكون في مقدوره الإتيان بتبرير كافٍ من الناحية القانونية، والنجاح في هذا المسعى ليس أكيداً في نهاية المطاف. كاس سانشتاين* * مدير برنامج السياسة العامة بكلية الحقوق في جامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»