ما هو حجم التنافر والتباعد بين سياسة الحدود في واشنطن، وعملاء دوريات مراقبة الحدود الذين تناط بهم مهمة تطبيقها في الولايات الحدودية، مثل أريزونا ونيومكسيكو وتكساس وكاليفورنيا؟ الواقع أنه كبير جداً. ففي الأسبوع الماضي، أعلن «المجلس الوطني لدوريات الحدود»، الذي يمثل 16 ألفاً و500 عميل من أصل عملاء وكالة دوريات مراقبة الحدود الذين يفوق عددهم 21 ألفاً، دعمه لترشح دونالد ترامب للرئاسة. وفي حال كانت هذه الإهانة الواضحة للرئيس الحالي غير واضحة بما يكفي، فإن البيان الصحفي الذي أصدره الاتحاد سعى إلى تبديد أي غموض أو لبس بهذا الشأن، إذ جاء فيه أن أعضاءه «يخدمون هذا البلد بكل نكران ذات ضمن بيئة يسعى فيها زعماؤنا السياسيون إلى منعنا من القيام بعملنا». أما بقية البيان، فتبدو كما لو كانت صادرة عن تيار حركة الشاي في 2014. والواقع أن سياسة الهجرة تتميز بالتعقيد، وهي على غرار مواضيع سياسية خلافية أخرى، عرضة لمناخ الرأي العام المتقلب، ولمعارضة قوية من العملاء الفدراليين المكلفين بتنفيذها. ففي 2012 رفعت مجموعة من عملاء وكالة «الهجرة والجمارك» دعوى قضائية ضد إدارة أوباما تدّعي فيها أن الإدارة وجّهت لهم تعليمات بعدم تطبيق القانون. وقد تولت تمويل هذه الدعوى منظمة «نمبرز يو إس إيه» المعادية للهجرة. بيد أن العلاقة بين بعض عملاء وكالة «الهجرة والجمارك» وعملاء «مراقبة الحدود» والمنظمات المناوئة للهجرة، ليست سراً. وقد سبق لـ«مركز المجتمع الجديد»، وهو منظمة غير ربحية يوجد مقرها في شيكاغو، وتسعى لـ«التصدي لواقع العنصرية والتعصب في أميركا»، أن أصدر تقريراً في 2015 يشير فيه إلى علاقات بين عملاء دوريات الحدود والمنظمات المناوئة للهجرة. وفي هذا الصدد، قال المحامي المتخصص في قضايا الهجرة والرئيس السابق لـ«الجمعية الأميركية لمحامي قضايا الهجرة»، ديفيد ليوبولد، «إن معظم العملاء المكلفين بتطبيق سياسة الهجرة أشخاص طيبون ومجدّون يبذلون كل ما بوسعهم للقيام بعملهم. لكن المجلس الوطني لدوريات مراقبة الحدود، منظمة أخرى من المنظمات المناوئة للهجرة». وللأسف، فإن عملاء كثيرين، إلى جانب موظفي ولايات مثل تكساس، التي رفعت دعوى قضائية ضد إدارة أوباما على خلفية اعتزامها تمكين ملايين المهاجرين من تفادي الترحيل والحصول على أوراق عمل، يمضون ساعات عملهم في تقويض سياسات الهجرة الفدرالية. ويمكن القول إن حالهم أشبه بمجموعة من الإطفائيين الذين يجوبون المدينة، فيضرمون النار في المباني المهجورة متى خطر لهم ذلك. والحال أن ثمة حدوداً لما يستطيع البيت الأبيض فعله بخصوص هذا الوضع. فبدعم من الكونجرس، ازدادت قوة «مراقبة الحدود» وتوسعت بشكل كبير خلال العقدين الماضيين. وغني عن البيان أن عملاء وكالتي «مراقبة الحدود» و«الهجرة والجمارك»، وليس موظفي البيت الأبيض، هم الذين يعملون في الميدان، حيث يقومون بدوريات مراقبة على المناطق الحدودية وفي الداخل، ويتصدون للمهاجرين غير الشرعيين، ويتخذون القرارات بشأن ما ينبغي القيام به في حقهم. غير أنهم وعلى غرار الجناح المناوئ للهجرة في الكونجرس، يمكن أن يكونوا قوة معارضة تعمل على نحو معاكس للأهداف التي سطّرتها الحكومة. وقد تُصدر المحكمة العليا، التي ستنظر في دعوى تكساس القضائية ضد الإدارة هذا الربيع، حكماً لمصلحة أوباما، ما سيمكّنه من مواصلة سياسته المتعلقة بالهجرة، غير أن ما لا تستطيع المحكمة فعله هو حمل العملاء الذين في الميدان على تنفيذ تلك السياسة. فرانسيس ويلكنسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»