عام مضى على التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، تغير فيه كل شيء، فـ«عاصفة الحزم» قضت على أنصار إيران في اليمن، و«إعادة الأمل» أعادت الأمل للشعب اليمني بقدرته على حكم بلاده ورعاية استقلالها واستقرارها، وتأكيد انتمائها لبعدها العربي. الحديث اليوم ينصب على المفاوضات أو المحادثات التي ستجري في الكويت، وهي مفاوضات- بحسب المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ- تتم تحت قرار مجلس الأمن 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، بمعنى الرضوخ الكامل لكل ما تمّ التمرد عليه من قبل، وعودة صريحة لما قبل الانقلاب، والموقف على الأرض يدعم المنتصر، ويرغم المهزوم على الرضوخ. ومن دون «عاصفة الحزم» العسكرية، لم يكن ممكناً الوصول لمحطة الكويت المهمة، ففرض الشروط بالقوة على الأرض تتم ترجمته بحصد المكاسب على طاولة المفاوضات، وقبل أن تبدأ مفاوضات الكويت، فإن ملامح نتائجها يمكن استقراؤها، وفي حال التخبط أو التمرد من جديد يمكن إنعاش ذاكرة المليشيات على الأرض، وبالقوة المسلحة والقوة السياسية. إن مفاوضات السلام في الكويت - وبحسب المبعوث الأممي- «ستتناول خمس نقاط أساسية تشمل الانسحاب، وتسليم السلاح، والترتيبات الأمنية، والحل السياسي، وإنشاء لجنة لإطلاق سراح المعتقلين والأسرى»، وهي تلخص موقفاً سياسياً لم يكن بالمستطاع أن توافق عليه المليشيات، لولا هزائمها المتكررة وخسائرها الفادحة. إن تشتت تحالف المخلوع صالح وميليشيات «الحوثي»، وتخاصمهم، ومحاولة كل منهم أن «ينفذ بجلده» قبل لحظة الحقيقة، كلها مؤشرات على مدى الانهيار الذي مُني به تحالف أعداء اليمن دولة وشعباً من داخل اليمن، وقد بدا واضحاً أن نمور إيران الورقية الميليشياوية بدأت تتساقط. لقد ثبت اليوم أن قوة الشرعية في اليمن المدعومة بشرعية عربية ودولية لـ«عاصفة الحزم»، هي أقوى بكثير من قوة الميليشيات الإيرانية، ولولا مشروع إيران لإضعاف الدول العربية، لما كان لتلك الميليشيات أي قيمة أو دور، يصح هذا في الدولة اللبنانية والموقف من مليشيا «حزب الله» اللبناني، كما يصح في الدولة اليمنية والموقف من مليشيا «الحوثي». لم يكن من مقصود الحرب في اليمن القضاء على مكوناتٍ يمنيةٍ بأي حالٍ من الأحوال، بل كان المقصود هو القضاء المبرم على الانقلاب على الشرعية، وضرب رأس الأفعى الإيرانية في اليمن، وتكسير مجاديف أنصارها وحلفائها داخل اليمن من الطابور الخامس الخائن لدولته وشعبه، والانتصارات السياسية المظفرة قد لا تحسم في ساحة المعركة، بل على طاولة المفاوضات. من الصعب الإصرار على الحسم بالقوة المسلحة، ما دام بالإمكان تحصيل كل الأهداف بأقل الخسائر، وفق منطقٍ خاصٍ يتفهم أبعاد الأزمة اليمنية وتشعباتها تاريخياً واجتماعياً وسياسياً، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، وهنا يأتي الفرق الكبير بين الأخ المنتصر وبين القوة التخريبية الغاشمة لعدوٍ خارجيٍ. قام «التحالف العربي» في اليمن على أساس دعم الشرعية في اليمن، ودعم الدولة اليمنية والشعب اليمني في استعادة الدولة والشعب حقوقهما التي سلبها الانقلاب والميليشيات بالقوة المسلحة التي تمثل أقليةً شرسةً وعدائية اختطفت الدولة والشعب، وهذا مربط الفرس. حروبٌ كبرى، على طول التاريخ وعرض الجغرافيا، تم حسمها على طاولة التفاوض، بعد فرض الشروط بالقوة على الأرض، وهي أكثر من أن تُحصى، فحين يعلم كل طرف حجمه الطبيعي تعود الأمور لمجراها، ويتم تعديل الانحراف، ولجم الانقلاب، وتحجيم الميليشيات، والقضاء على الخونة. أخيراً، أمام «الحوثي» والمخلوع خياران: الانصياع، وتجرع السم، وفتح الطريق لمستقبل اليمن، أو المعاندة والمكابرة التي تجر استمرار الويلات والهزائم، وتعيدهم بالقوة للخيار الأول. وهو ما سيحصل في النهاية، ومن ثم تنطلق عملية إعادة إعمار اليمن بأيدي أبنائه ودعم أشقائه.