في الوقت الذي تواجه فيه اقتصادات الكثير من دول العالم أزمات متعددة نتيجة التطورات التي ارتبطت بالسوق النفطية في الآونة الأخيرة، فإن الاقتصاد الإماراتي ظل على قوته، ونجح في التكيف مع التأثيرات الخارجية الناجمة عن ضعف الاقتصاد العالمي، لأنه يستند إلى محركات نمو ثابتة، ويرتكز على قاعدة صلبة من القطاعات الواعدة في المجالات المختلفة. وهذا ما أكده صندوق النقد الدولي في البيان الصادر عنه مؤخراً في إطار المراجعة الدورية للاقتصاد الإماراتي، حيث أشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة واصلت مسيرتها الاستثنائية لتحقيق مستويات جديدة من النمو الاقتصادي، في الوقت الذي تواجه الدول المصدرة للنفط تحديات اقتصادية كبيرة نتيجة الظروف التي يشهدها الاقتصاد العالمي والانخفاض الكبير في أسعار النفط. قوة الاقتصاد الإماراتي، كما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي، تستند إلى عاملين رئيسيين: أولهما؛ الرؤية المستقبلية الاستشرافية للقيادة الرشيدة وقراءتها الصحيحة للتطورات المحيطة، الأمر الذي أسهم في مواجهة التحديات والمتغيرات المتزايدة التي شهدها الاقتصاد العالمي من خلال تطوير ووضع السياسات المالية الحكيمة والمنهجية الاقتصادية السليمة التي تعزز النمو الاقتصادي المستدام. ثانيهما، سياسات التنويع الاقتصادي التي اعتمدتها الإمارات منذ أوائل ثمانينيات القرن العشرين وأرسى دعائمها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، ويقودها اليوم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، حيث لعبت هذه السياسات دوراً محورياً في تعزيز مصادر الدخل وبناء اقتصاد وطني قائم على المعرفة ومتشبع بروح الإبداع والابتكار، ومستند إلى معرفة عميقة بالمتغيرات والتحديات الاقتصادية العالمية. هذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها الإشادة بالاقتصاد الإماراتي من جانب هيئات دولية متخصصة، وإنما دائماً تحقق الإمارات مراتب متقدمة في التقارير والمؤشرات الدورية التي تصدرها المؤسسات والمعاهد الدولية المعنية بتقييم اقتصادات دول العالم، وقياس مؤشرات مستويات النمو التي تحققها في القطاعات المختلفة. فوفقاً لتقرير التنافسية العالمية للعام 2015 - 2016 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» في سويسرا، فقد حافظت الإمارات على مكانتها ضمن مجموعة الدول ذات الاقتصادات المبنية على الابتكار في العالم، والتي تشمل مجموعة من أقوى الاقتصادات، مثل سويسرا وألمانيا وسنغافورة والولايات المتحدة الأميركية، حيث احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة السابعة عشرة عالمياً في مؤشر التنافسية العالمي. تزايُد الثقة بالاقتصاد الإماراتي من جانب المؤسسات والمعاهد الدولية يؤكد أموراً رئيسية عدة: أولها، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتبنى رؤية تنموية شاملة ومتكاملة تستهدف تعزيز مكانتها على خريطة الاقتصادات المتقدمة، وهذه الرؤية تجسدها بوضوح «رؤية الإمارات 2021»، التي تسعى إلى بناء اقتصاد معرفي متنوع مرن، تقوده كفاءات إماراتية ماهرة وتعززه أفضل الخبرات بما يكفل الازدهار بعيد المدى للإماراتيين، من خلال الطاقات الكامنة لرأس المال البشري المواطن الذي يتم توظيفه في القطاعين الحكومي والخاص، ومن خلال جذب أفضل الكفاءات المواطنة والحفاظ عليها وتأهيل القيادات الشابة لبناء المستقبل. ثانيها، أن قوة الاقتصاد الإماراتي هي الوجه الآخر للاستقرار الشامل الذي تنعم به الإمارات، سياسياً وأمنياً، فلا شك في أن الأمن الذي ينعم به المجتمع الإماراتي يعزز الثقة بمناخ العمل والاستثمار في الدولة، ومن ثم يشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية، وكل هذا يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني ويخدم أهداف الخطط التنموية للدولة على المدى البعيد. ثالثها، أن الإمارات تمضي بخطى ثابتة وواثقة نحو المستقبل، من أجل استمرار مسيرة النمو الاقتصادي، وهذا ما تجسده مرحلة ما بعد النفط التي أعلنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، خلال انعقاد الخلوة الوزارية الموسعة في يناير الماضي، والتي تدشن لمرحلة جديدة في مسيرة الاقتصاد الإماراتي، ترتكز على قطاعات اقتصادية جديدة، وتطوير كفاءة وإنتاجية القطاعات الحالية، وإعداد كوادر مواطنة تستطيع قيادة اقتصاد وطني مستدام ومتوازن. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية