طرحت في الآونة الأخيرة عدة عبارات سياسية، عادة ما تلقى سخرية، على مجموعة من الأصدقاء، مثل «المضي قدماً» و«تغيير قواعد اللعبة» و«تكافؤ الفرص» وغيرها، غير أن أكثر عبارة لم ترقَ لهم جميعاً، بل اشمأز منها الجميع، كانت عبارة «الشعب الأميركي»، فلماذا تثير هذه العبارة الاستياء بهذه الصورة؟ لابد أن ذلك يعود في جزء منه إلى المبالغة في استخدامها، فإذا ما راجعت المناظرات التي جرت مؤخراً أثناء الانتخابات الرئاسية التمهيدية، تجد أن المرشحين مدمنون على استخدامها، مع اعتماد الديموقراطيين عليها بدرجة أكثر قليلاً من الجمهوريين، فمثلاً المرشح الديموقراطي «بيرني ساندرز» يتحدث عن «الشعب الأميركي» بلا انقطاع، وأحياناً ثلاث أو أربع مرات في رد واحد: «لقد أدى روزفلت اليمين الدستورية عام 1933 في الوقت الذي كان فيه 25% من الشعب الأميركي من العاطلين.. ووقف أمام الشعب الأميركي وقال: الشيء الوحيد الذي يجب أن نخشاه هو الخوف نفسه. وهي عبارة عميقة أعطت الشعب الأميركي الشجاعة للاعتقاد..». وبالمثل، قال ماركو روبيو: «أعتقد أن السؤال الذي يجب طرحه هو، كيف تلهم الشعب الأميركي مرة أخرى لكي يؤمن بالمستقبل؟ وما الذي يحتاجه الأمر لضمان أن يصبح الشعب الأميركي متفائلاً رغم جميع الصعاب حالياً، وكما تعلمون، فإن الشعب الأميركي كان مرعوباً بشأن المستقبل». إن الشخص العادي يستخدم العديد من العبارات في كثير من الأحيان ولا يلاحظ أحد ذلك، والأمر الذي يجعل عبارة «الشعب الأميركي» مختلفة هو أن السياسيين فقط هم الذين يستخدمونها، ولا يمكنك مقاومة الشعور بأنهم يستخدمونها لإضفاء مزيد من العظمة على حديثهم: استخدم عبارة «الشعب الأميركي» عدة مرات لتجعل ملاحظة عادية تبدو مهمة وتمس القلب، وربما يستخدم المرشحون هذه العبارة ليكون أمامهم بضع ثوانٍ يفكرون أثناءها فيما سيقولونه بعد ذلك. لذا، يمكنك دائماً حذف عبارة «الشعب الأميركي»، ولن يؤثر ذلك في المعنى: فإذا قال المرشح: «أعتزم الحفاظ على وعودي للشعب الأميركي»، فلن يختلف ذلك كثيراً عن قوله: «أعتزم الحفاظ على وعودي». وهذه العبارة ليست جديدة، فهي تظهر في جميع خطابات «واشنطن» و«أدامز» وغيرهما من المؤسسين باعتبارها وسيلة رسمية وفخمة للإشارة إلى الأمة، وقد بدأ السياسيون في استخدام هذه العبارة بهذه الطريقة المتغطرسة في القرن العشرين فقط، ما جعلها تتصدر قائمة العبارات التي يكرهها أصدقائي. وقد ذكر جيرالد فورد أثناء مناظرة مع جيمي كارتر عام 1976 أن «ما يريده الشعب الأميركي هو رئيس جمهوري لمراجعة أي تجاوزات تأتي من الكونجرس إذا كان يتألف من الديموقراطيين»، لكنه كان مخطئاً. لم يكن الشعب الأميركي يريد مثل هذا الشيء، وعندما ذكر كارتر، أثناء مناظرة مع رونالد ريجان بعد ذلك بأربع سنوات، أن «الشعب الأميركي» كان مهتماً بالعناصر المختلفة لبرنامج التأمين الصحي الوطني، كان كذلك مخطئاً. ومؤخراً، عندما أعلن تيد كروز أنه «سيقف دائماً مع الشعب الأميركي ضد فساد الحزبين في واشنطن»، ربما نكون قد افترضنا أن الشعب الأميركي لا يقف ضد فساد الحزبين على الإطلاق، وإذا كنا كذلك، لما كان هناك فساد، ولما كان كروز تحدث عنه. هذه الإشارات السطحية لـ«الشعب الأميركي» لا يجب أن تخدع سوى عدد قليل من الناس، فلا يوجد سياسي يسعى لتنفيذ إرادة الشعب أو حتى معرفة إرادته، لسبب واضح هو أنه لا توجد إرادة واحدة للشعب. بارتون سوايم: محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»