دعوة لاستثمار هزائم «داعش»..وصراع القومية والوطنية في الكوريتين «جابان تايمز» في افتتاحيتها يوم أمس، وتحت عنوان «الحرب على داعش»، رأت «جابان تايمز» أن التحقيقات التي أجريت بعد هجمات بروكسل كشفت فشل أجهزة الأمن البلجيكية، حيث إن أحد الضالعين في تنفيذ الهجمات، كان قد ألقى القبض عليه وحبسه لتورطه في السطو على بنك ثم أطلق سراحه، وأخوه ألقي القبض عليه في تركيا مطلع العام الجاري وتم ترحيله إلى هولندا، وكانت السلطات التركية قد حذرت الشرطة الهولندية والبلجيكية من احتمال سعيه للالتحاق ب«داعش» في سوريا، لكن التحذير تم تجاهله. ويشار إلى أن وزيرا الداخلية والعدل في بلجيكا قدما استقالتهما بعيد هجمات بروكسل، لكنها رفضت، ما يثير السخرية أن «داعش» يكثف هجماته على أهداف غربية في وقت بدا أنه يخسر على جبهات القتال. فالولايات المتحدة أعلنت الشهر الماضي مقتل وزير دفاع «داعش» المسمى بعمر الشيشاني ووزير مالية التنظيم عبدالرحمن مصطفى القادولي، وذلك جراء غارات جوية استهدفت التنظيم داخل سوريا، ما حدا بوزير الدفاع الأميركي القول إن الجيش الأميركي يتخلص بطريقة ممنهجة من قيادات التنظيم. العمليات الإرهابية التي نفذها«داعش» خلال الآونة الأخيرة، تأتي بعدما أخذت القوات المتحالفة ضده زمام المبادرة، وشنت هجمات لوقف زحفه، فالقوات الروسية الداعمة للجيش السوري والميليشيات الكردية والجيش العراقي المدعوم أميركياً، يشنون هجمات ضد التنظيم، ويستردون ما استولى عليه من أراضٍ، حيث فقد «داعش» 40 في المئة من مساحة الأراضي التي كان قد استولى عليها منذ عام 2014. لكن الهزائم التي مُني بها التنظيم لم يتم استثمارها بالطريقة الكافية، فالحكومة العراقية بدت غير جاهزة لإدارة المناطق التي تم تحريرها من«داعش»، والفصائل العراقية السُنية والشيعية تتصارع من أجل السيطرة السياسية. وفي سوريا لا تزال الحكومة السورية تنتهج سلوكاً وحشياً، يؤجج الحرب الأهلية في البلاد التي فتح الباب على مصراعيه لظهور«داعش». ومع وصول التنظيم إلى أوروبا وشنه عمليات داخلها فإن فشل الأمن في منع المشتبه بهم من تنفيذ جرائمهم، أثار شكوكاً في المبادئ الأوروبية القائمة على الانفتاح والمجتمعات المنفتحة، ما قد يلحق الضرر باتفاقية «شنجن» ويعلي من صوت أحزاب اليمين المعادية للمهاجرين، وكذلك الأمر بالنسبة لموجة الاستياء من الإسلام، فالخوف يتأجج والحريات المدنية تتعرض للخطر. «سيدني مورنينج هيرالد» تحت عنوان من«مأساة بروكسل إلى أوروبا أكثر أمناً»، استنتجت افتتاحية «سيدني مورنينج هيرالد» الأسترالية يوم الخميس الماضي أن هجمات بروكسل كشفت مخاطر الفشل الأمني والاستخباراتي، والسلطات الأسترالية كانت على حق في تقييم الأوضاع الأمنية والاستخباراتية، فلابد من القبول بالتوازن بين الحريات المدنية والخصوصية من جهة وبين توفير الأمن في المواصلات والتجمعات العامة من جهة أخرى، وتحقيق هذا التوازن يتطلب إنفاق المزيد من المال والوقت لتفعيل المسؤولية الجمعية عن تحقيق الأمن. الحكومات الأوروبية أصابت عندما رفضت الدعوات المطالبة بوضع نهاية لسياسة الحدود المفتوحة، لكن للأسف استغلت أحزاب«اليمين» المتطرف ومؤيدو انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تفجيرات بروكسل من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وتؤكد الصحيفة أن ثمة مكاسب تتحقق من وراء سياسة الحدود المفتوحة، ويتعين على الجهات الأمنية ودوريات حرس الحدود العمل معاً من أجل تحديد المخاطر الأمنية الناجمة عن هذه السياسة. ومن الممكن الاستناد إلى التقرير الأمني الصادر في الأول من مارس عن التنسيقية الأوروبية لمكافحة الإرهاب، كونه أشار إلى غياب المسح الأمني في عدة أماكن داخل الاتحاد الأوروبي، وأن المطلوب توسيع نطاق عمليات المراجعة والفحص الأمني وما يتولد عنها من بيانات، فتلك مسألة ينبغي أن تحظى بأولوية. واللافت أن هناك دولتين في الاتحاد الأوروبي لم تربط نقاط الحدود لديها بالانتربول سواء عبر المنافذ البرية أو البحرية أو الجوية. وما يثير القلق أن هناك جوازات سفر سورية وعراقية تستخدمها عناصر من«داعش»وهذا في حد ذاته خطر لابد من الإسراع في مواجهته. وحسب الصحيفة كان رئيس الوزراء الإيطالي على حق عندما صرّح بأن (أوروبا لابد وأن تستثمر في البنى الأمنية والدفاعية المشتركة). إن أوروبا أكثر قوة وأمناً ستكون هي السيناريو الوحيد الجيد بعد وقوع هجمات بروكسل. «ذي كوريا هيرالد» في مقاله المنشور أمس بـ«ذي كوريا هيرالد» الكورية الجنوبية، وتحت عنوان«معضلة الوطنية والقومية»، استنتج «بارك سانج سيك» العميد السابق لـ«معهد دراسات السلام» في كوريا الجنوبية، أن العلاقات بين كوريا الجنوبية وجارتها الشمالية تعد علاقة نادرة في التاريخ المعاصر. فالشعب الكوري يكاد يكون الوحيد في العالم الذي ينتمي إلى عرقية واحدة لكنه مقسم بين بلدين، وقبل نهاية الحرب العالمية الثانية كانت هناك شعوب تمر بنفس المعضلة مثل الألمان والشعب الفيتنامي، وإذا كانت الثورة المسلحة أدت إلى توحيد شطري فيتنام، فإن ألمانيا وحدت شطريها بعيد انهيار ألمانيا الشرقية بسبب انهيار الكتلة السوفييتية. وحسب الكاتب ظل الشعب الكوري محافظاً على تجانسه العرقي في دولة واحدة حتى عام 1910 آنذاك احتلتها اليابان لتنتهي مملكة«سيلا»التي تأسست عام 676 القضية الكورية مختلفة عن القضية الألمانية والفيتنامية، ذلك لأن القوى الشيوعية في كوريا الجنوبية لم تكن أبداً قوية مثلما كانت في فيتنام الجنوبية، وألمانيا أثناء تقسيمها أقر شطراها باتفاقية عدم الاعتداء واعترف كل شطر بالآخر. في الحالة الكورية، حدث أمر نادر، حيث غزت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية بدعم من جوارها الشيوعي، بينما قررت الولايات المتحدة الدفاع عن كوريا الجنوبية، خوفاً من انتشار الشيوعية على الصعيد العالمي، كل هذه التمايزات تجعل البيئة الأمنية الكورية أكثر تعقيداً. حكومتا الشطر الشمالي والجنوبي مؤمنتان بأن الكوريين أمة واحدة في الشمال والجنوب، لكنهما في الوقت ذاته تعترفان بـ«جمهورية كوريا» - وهي كوريا الجنوبية، وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (كوريا الشمالية)، وازدواجية من هذا النوع تجعل أمن شبه الجزيرة الكورية أكثر تعقيداً. البعد الوطني لدى الكوريين الجنوبيين يتفوق على البعد القومي أو الاثني، ما يعني أن القومية لا تتكامل مع الوطنية بل تصطدم معها، وهذا يجعل كوريا الجنوبية تنظر لجارتها الشمالية على أنها دولة أجنبية وليست دولة كورية! إعداد: طه حسيب