تدرك دولة الإمارات العربية المتحدة أن التطرف والإرهاب يمثلان الخطر الرئيسي الذي يهدد أمن دول المنطقة والعالم أجمع واستقرارها، ويقف عقبة أمام تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، ولهذا تدعو في مختلف الفعاليات إلى ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي من أجل التصدي لهذا الخطر. وفي هذا السياق جاءت دعوة الشعبة البرلمانية في «المجلس الوطني الاتحادي» خلال اجتماع اللجنة الدائمة الأولى للسلم والأمن الدوليين، الذي عقد مؤخراً في مدينة لوساكا في زامبيا، ضمن جدول أعمال اجتماعات الجمعية العامة الـ134 للاتحاد البرلماني الدولي، إلى بناء برنامج دولي يطلق عليه «برنامج حوار الحضارات لمكافحة الإرهاب والتطرف» بهدف التقاء وتوحيد الرؤى الفكرية والثقافية بين حضارات العالم كافة لمواجهة آفة التطرف والإرهاب، والتأكيد أن كل حضارات العالم تحمل موروثاً ثقافياً مشتركاً في مواجهة هذه الظاهرة، كما دعت الشعبة البرلمانية الإماراتية العالم إلى نشر قيم التسامح والاعتدال وضرورة اتخاذ كل الإجراءات التشريعية والتنفيذية لمكافحة ظاهرة «كراهية الغير» خاصة للأقليات الإسلامية في الدول الأوروبية، وتوفير الحماية اللازمة لأماكن العبادة والاحترام الواجب للكتب المقدسة والرموز الدينية. وتعبّر دعوة الشعبة البرلمانية إلى بناء برنامج حوار الحضارات لمكافحة التطرف والإرهاب عن رؤية الإمارات الحضارية والشاملة للتعامل مع هذه القضية، التي تنطلق من اعتبارات عدة، أولها أن التطرف والإرهاب لا يمكن أن يتعايشا مع القيم الإنسانية التي تحملها وتؤمن بها كل شعوب العالم وأديانه وثقافاته، ومن ثم فمن الخطأ نسبة التطرف والإرهاب إلى دين محدد أو ثقافة بعينها، فهو ظاهرة عالمية، ولهذا تؤكد الإمارات دوماً في مختلف المحافل الإقليمية والدولية ضرورة التزام المجتمع الدولي رفض جميع محاولات ربط الإرهاب بأي دين أو عرق أو ثقافة أو أصل إثني أياً كان. ثانيها، أن الإرهاب ينال من قيم التعايش والتفاعل والحوار بين الشعوب والثقافات والحضارات المختلفة على المستوى الدولي، خاصة حينما يتمسح بالدين أو يدَّعي أصحابه دفاعهم عن مصالح حضارة في مواجهة حضارة أو حضارات أخرى، ولهذا تدعو الإمارات إلى تعزيز الجهود المشتركة الرامية إلى سيادة روح التسامح والحوار بين مختلف الثقافات والحضارات والأديان لتعزيز الاحترام والتفاهم بين الشعوب، وهذا ما جسدته بوضوح دعوة الشعبة البرلمانية لـ«المجلس الوطني الاتحادي» السابق الإشارة إليها. ثالثها، تعزيز مبادئ العدالة والقانون الدولي وتعميق احترام حقوق الإنسان في العالم، لأن من شأن ذلك أن يقضي على النزاعات والمظالم التي يستغلها الإرهابيون وصناع التطرف والعنف في تبرير ممارساتهم الإجرامية. رابعها، تعزيز ثقافة السلام والتسامح بين الشعوب والأديان والثقافات والحضارات المختلفة، باعتبارها مدخلاً مهماً في التصدي لأصحاب نظرية صدام الحضارات. وتُعَدُّ الإمارات من النماذج الرائدة في التعايش، حيث تشمل تركيبتها السكانية خليطاً من الجنسيات يعيش في توافق تام. ولعل قانون مكافحة التمييز والكراهية الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله)، في عام 2015، يجسد في جوهره هذا النموذج، بالنظر إلى ما يتضمنه من مواد تضمن المساواة بين أفراد المجتمع، وتجرِّم التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الإثنية. وفي ظل تصاعد خطر التطرف والإرهاب في دول المنطقة والعالم، تبادر الإمارات دوماً وتدعو دول العالم كلها إلى المشاركة بفاعلية في جهود مواجهته والقضاء عليه، كما تقوم بدور رائد ومتميز في تعزيز قيم التسامح والتعايش والاعتدال، وهذا ما يكسب مبادراتها وتوجهاتها المصداقية والتقدير، وينظر إليها دوماً باعتبارها طرفاً فاعلاً ومؤثراً في مواجهة التطرف والإرهاب. ـ ــ ـ ـ ـ ــ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.