يوم الثلاثاء الماضي اهتزت العاصمة البلجيكية بدوي الانفجارات وسقوط القتلى. الحصيلة في مطار بروكسل 14 قتيلًا، مع تناثر الحقائب وتطاير المسافرين. وفي مترو الأنفاق كان الانفجار أشد هولاً بسقوط عشرين قتيلاً من الضحايا الأبرياء. ولطالما رددت على مسامع من حولي أن السوريين سكتوا عن انقلاب الأسد عام 1963 فدفعوا الثمن في حماة، ولما سكتوا عن حماة دفع كل الشعب السوري الثمن مضاعفاً، ولما سكت العالم عن مذبحة الشعب السوري دفع العالم كله الثمن، وتدفق أكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا وحدها. ويسميها الأوروبيون هجرة شعوب! وهي بالأحرى، وبكلمة أصدق وأدق، تهجير الشعوب. والراهن حالياً أن الفاتورة العالمية للسكوت على الجريمة السورية ضربت أرجاء المعمورة، ففي 13 نوفمبر كانت باريس بسقوط 129 قتيلاً وأضعافهم من الجرحى. وفي 12 يناير 2016 جاكرتا. وفي 13 يناير 2016 إسطنبول بسقوط 100 قتيل. وفي 15 يناير بوركينا فاسو بهجوم في العاصمة أوجادوجو. وحتى المساجد استهدفت، ففي 29 يناير تم قتل المصلين في السعودية في مسجد بالأحساء. وفي 18 فبراير تفجير آخر في أنقرة راح ضحيته 26 قتيلًا و61 جريحاً. وهذه السلسلة الخطيرة تزداد شراسة، ومع هذا يقسم الغرب أنه سيقضي على الإرهاب من السماء، بل يجري التخطيط لتقسيم المنطقة، وإعطاء بشار الكيماوي فسحة من العيش يتنفس بها، ويقتل بها المزيد. إن ما يجري في المنطقة دفع الدول الغربية إلى دراسة ما يحدث في سوريا بوجه خاص، وكتبت مجلة «در شبيجل» الألمانية في عددها 7 من عام 2016 بالبنط العريض «بؤرة الحريق الحرب التي غيرت العالم»، وبجانب المانشيت صورة لطفلتين سوريتين باكيتين وقد تلطخ وجهاهما البريئان برماد وتراب قنابل نظام بشار، ومن الداخل كتبت جملة حزينة عن السوريين بعبارة «المنسيين». وبجنبها صورة مؤثرة من حلب! حالياً يصدر كتاب عن الأحداث في سوريا الحزينة، الأول لمؤلف شاب اسمه «شارلز ليستر»، وهو بريطاني أميركي عمره 28 سنة كلفته الدول الغربية تحت مشروع «مبادرة الطريق الثاني لسوريا» التابع لمؤسسات «مراكز تفكير بروكينج»، وهذا الشاب بادر بالاجتماع مع مئات الفصائل المقاتلة في سوريا، وكذلك منظمات المجتمع المدني، وخلال سنوات من العمل الدؤوب، منذ الانتفاضة السورية بداية عام 2011، كتب عن تطورات النزاع، والمهم فيما أورد في كتابه أن إرهاب «القاعدة» أو «جبهة النصرة» لا يقل خطراً، وأن الغرب ركز على خطر تنظيم «داعش» الإرهابي فقط! أما الكتاب الثاني، فهو لرجل غامض سمى نفسه على خوف من بشار وملئه بالقيصر، حيث عرض عشرات آلاف الصور عن نحو 11 ألفاً هلكوا في «الهولوكوست» البعثي الطائفي. وهكذا، فمن يرى القتل وهو قادر على منعه، يعتبر مقصراً بشدة حيال منع الجريمة، وأوباما الذي يتكلم بحماس عن السلام في كوبا ومع إيران، يتعين عليه العمل أولاً من أجل حقن دم نصف مليون سوري، والتصرف بما يلزم من حزم حيال إعاقة مليونين وهروب ثمانية ملايين من ديارهم حذر الموت.