أدى ظهور ما يعرف بـ«ثورة المعلومات والاتصالات» إلى إحداث تغييرات جذرية في مفاهيم وأشكال التواصل والإعلام، ما أفرز تأثيرات جليّة في مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية على مستوى العالم كله، الذي تحول إلى «قرية كونية» واحدة، ثم سرعان ما ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فيسبوك» وسواها سريعاً، محدثةً ثورة أكبر في مجال التواصل على مستوى الأفراد والمؤسسات حتى الدول، لتصبح بحد ذاتها تمثل نمطاً إعلامياً تفاعلياً خاصاً، يُعرف بالإعلام الجديد أو الإعلام الرقمي أو الإعلام البديل. وقد أسفر التطور الكبير الذي يميز تقنيات الإعلام الجديد، عن تغيير الكثير من مسلمات الإعلام التقليدي وقيوده، فلم تعد الرسائل الإعلامية حِكراً على جهات معينة، ولم يَعُد الفرد مجرد مستقبِل لها، كما كان في الماضي، بل أصبح من دون تكلفة أو جهد كبير، صانعاً لها ومتفاعلاً معها من خلال شبكات تفاعلية ضخمة وسهلة الاستخدام، هي وسائل الإعلام الجديد. ولمّا كانت دولة الإمارات العربية المتحدة، وما زالت، سبّاقة في تبنّي مظاهر التحديث والتطوير وتشجيعها في المجالات كافة ضمن رؤيتها الاستراتيجية للتنمية الشاملة والمستدامة، فقد برزت على الساحتين الإقليمية والدولية كإحدى أكثر الدول تطويراً وتحسيناً في بُنى تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات. فالإمارات وفي كنف وتوجيهات قيادتها الرشيدة، تمتلك وعياً كبيراً بمدى أهمية تطوير البنى التحتية التكنولوجية، وتوظيفها في مختلف جوانب الحياة التوظيف الأمثل، في تمكين وتعزيز مسيرة الإبداع والابتكار التي تتبنّاها الدولة ماضيةً بكل ثقة نحو بناء مجتمع المعرفة الذي هو إحدى ركائز التنمية الشاملة والمستدامة. وضمن هذا الإطار، جاء تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مؤخراً في تدوينات عبر صفحته على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي بمناسبة مرور 10 سنوات على إنشاء الموقع، أن «الإعلام الجديد يُعَدُّ وسيلة للتنمية، ووسيلة فعّالة لاستخراج الأفكار، وتغيير الواقع عبر الابتكار، والتأثير في العقول والقلوب»، مضيفاً أنه «من الحكمة استخدام الإعلام الجديد في بناء الحكمة». وتعكس تدوينات سموه الاهتمام الكبير الذي توليه قيادتنا الرشيدة في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتطور تكنولوجيا الاتصال بشكل عام، وبالإعلام الجديد بشكل خاص كوسيلة فعالة للتواصل، إدراكاً منها لأهمية الدور الذي يلعبه هذا النمط الإعلامي في التأثير في مجريات حياة الشعوب بل حتى مستقبلها، لما تحظى به وسائل التواصل الاجتماعي من انتشار كبير حول العالم، والتفاعل الكبير من قبل مختلف الشعوب معها ومع ما تتضمنه من كمٍّ هائل من المحتوى الإخباري والترفيهي وعدا ذلك. وقد بدا التأثير الكبير للإعلام الجديد في أجلى صوره لدى اندلاع ثورات ما يسمى «الربيع العربي»، حيث كانت المحرك الفعلي لمن شاركوا في تلك الثورات لاسيما من الشباب. وإزاء تأثير الإعلام الجديد كذلك، أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تدوينة أخرى على «تويتر» قائلاً: «تكمل «تويتر» 10 أعوام منذ تأسيسها.. مفاهيم إعلامية تغيرت.. وقواعد تواصل جديدة ترسخت.. ونجوم صعدت وأخرى هبطت.. ولا يبقى إلا ما ينفع الناس». وتعكس هذه التدوينة إدراكاً راسخاً لدى قيادتنا الرشيدة بأن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فهي إلى جانب امتلاكها جوانب إيجابية عديدة، إلا أنها، في حال أسيء استخدامها قد تتحول إلى أداة لتهديد أمن المجتمعات واستقرارها. كما تدلل على حرص وإصرار قيادتنا الرشيدة على مواصلة نشر وتعميم ثقافة الاستخدام الصحيح والمسؤول للإعلام الجديد بين مختلف شرائح المجتمع الإماراتي، بما يعزز القيم الإيجابية، ويحافظ على السلام المجتمعي، ويسهم في خدمة أهداف التنمية، بعيداً عن أساليب التضليل المعروفة والبعيدة عن ثقافتنا وقيمنا الوطنية. فالإمارات ماضية في التعاطي مع الإعلام الجديد كوسيلة بناء لا هدم، تستثمر إيجابياته الضخمة في مسيرة التنمية والابتكار بكل مهارة، متصديةً في الوقت ذاته بكل حزم لكل ما يهدد الأمن الوطني بمفهومه الشامل، لأن هدفها الأول والأخير هو مصلحة الوطن والمواطن في حاضره ومستقبله. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية