يتظاهر الجمهوريون بأنهم مصدومون لأن حزبهم ربما يصبح أيضاً واحداً من فنادق ترامب الذي يريد إلصاق اسمه عليه. وهو شبه متأكد من أنه سيفوز في بقية الانتخابات التمهيدية، وأنه سيكون المرشح الرئاسي الجمهوري. وقد أنفقت القوى المناهضة لترامب عدة ملايين ولكن دون جدوى. وقد ذكر لي عضو بارز في الحزب مؤخراً أن المانحين التقوا سراً في أحد المطاعم للتخطيط لخطوتهم القادمة. لقد علق حزب «الشارع الرئيسي» علامة ترحيب للمستائين من الجنوبيين البيض وأعضاء «حزب الشاي» والمتعلمين في المنازل والمناهضين للضرائب والمحافظين المناهضين للإنفاق والإنجيليين والمليشيات، وكذلك من يقولون إنهم يرفضون العلم وأي شخص لديه ضغينة، ناهيك عن الانعزاليين والصقور. وبالنسبة لأولئك الذين يتوقون إلى ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، ومن يحبون اقتناء الأسلحة الآلية ويعتقدون أن الاحتباس الحراري مجرد خدعة من خدع آل جور، فقد قال الحزب لهم «أهلاً ومرحباً، تفضلوا بالدخول». وقد هرع ترامب إلى الفراغ الناجم عن سياسة الباب المفتوح. كما أن ظهوره الصاخب ونجاحه المتوهج وشيكاته ذات المبالغ الكبيرة للمرشحين، كل هذا أكسبه شهرة تشبه شهرة الممثل «كلينت إيستوود» قبل أن يتحدث بكلام تافه لمقعد فارغ في مؤتمر عام 2008. ولعل كل هذا كان مفيداً بينما كان ترامب يقوم بحملته الانتخابية في أريزونا هذا الأسبوع مع تأييد من زميله «جو أربايو» الشهير في الحزب الجمهوري ورئيس شرطة مقاطعة ماريكوبا في نفس الولاية. وعلى رغم العدد المتزايد من السكان من أصل إسباني، فقد فاز في ستة انتخابات متتالية في مقاطعة ماريكوبا، التي تضم تقريباً ثلثي سكان أريزونا. وقد سعى مرشحون آخرون -من بينهم السيناتور تيد كروز- إلى الحصول على مساعدة «أربايو» على رغم أنه معروف بإلقاء القبض على الأميركيين من أصل إسباني وعليه اتهامات مدنية معلقة لتحديه الأوامر بوقف مثل تلك الممارسات. كما يتهم باجبار نزلاء السجون على ارتداء ملابس وردية اللون والعيش في خيام بالخارج في درجات حرارة مرتفعة! وقد يظهر فوز ترامب المحتمل في أريزونا أن المرشح الشعبوي اليميني يمكن أن يستخدم نغمة عنصرية خفية لكي يحقق النجاح، من خلال إثارة وإشراك الطبقة العاملة المنسية من البيض دون مساعدتها في الواقع. ومع هذا فهو لا يؤيد حتى رفع الحد الأدنى للأجور. إن «أربايو» وترامب يعتبران نموذجين لما حذر منه رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري «رينس بريبيوس» في تشريحه لأسباب الهزيمة الساحقة التي مني بها الحزب في عام 2012. فقد قال إنه إذا كان الحزب سيستعيد في أي وقت الرئاسة، فعليه أن يتخلى عن الغضب والهدم ويراهن على التفاؤل والبناء. ولكن الوقت تأخر جداً. فقد برز ترامب و«أربايو» باعتبارهما زعيمين للحركة الغاضبة التي ظلت تعتقد أن أوباما غير مؤهل لرئاسة الولايات المتحدة، والمكرسة لهدم سياسته. ومع ظهور اسم ترامب صار متحدثاً منتظماً على شاشات التلفزيون وقد ساعد ماله على تمويل المحققين الذين يرمون إلى إثبات أن الرئيس أوباما لم يكن مواطناً طبيعياً، وإنما هو اشتراكي مسلم كيني المولد. ولو كان أي جمهوري، ما عدا عضوي مجلس الشيوخ جون ماكين وليندسي جراهام، نسف هذا الجهد المجنون لنزع الشرعية عن أوباما، لذهب الأمر دون أن يلاحظه أحد. وقد وجدت استطلاعات الرأي أن 62 في المئة من الأميركيين يقولون إنهم يعتقدون أن أوباما ولد في الولايات المتحدة، بينما اعتقد 24 في المئة أنه ليس كذلك، و14 في المئة لم يكونوا متأكدين. وشكل الجمهوريون طبعاً نحو 62 في المئة من المتشككين. غير أن «أربايو» وترامب لا يعدمان الدعم. فقد تعهد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ «ميتش ماكونيل» ببذل كل ما في وسعه في مواجهة أوباما وعرقلة سياساته. وتتواصل هذه العرقلة رفضه القاضي «ميريك جارلاند» مرشح أوباما لشغل مقعد القاضي التاسع في المحكمة العليا، مستشهداً في رفضه بسوابق غير موجودة، من الأساس. وهناك بعض الجمهوريين الذين يصطفون الآن وراء ترامب -الحكام كريس كريستي وريك سكوت وبن كارسون ورئيس مجلس النواب السابق نيوت جينجريتش. أما الآخرون فهم يرقصون من حوله. فرئيس مجلس النواب بول ريان يدين وينتقد مواقف بعينها لترامب -مثل إشعال الغضب والعنف والهجوم على المسلمين والافتقار إلى الجدية- ولكنه أيضاً يقول إنه «سيحترم إرادة الناخبين الأوليين». ومع ذلك، فإن آخرين يهمسون في مرح بأن ترامب ربما يغضب الأقليات ولكنه سيفوز على أي حال مع تدفق الناخبين الرجال البيض الغاضبين. مارجريت كارلسون محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»