لم تقتصر موجة الاحتجاج ضد استبعاد اليابان من معظم جلسات الحوار حول تشكيل الكتلة التجارية الإقليمية المعروفة باسم «الشراكة التجارية عبر الهادئ»، على المشرّعين اليابانيين المحسوبين على المعارضة في المجلس التشريعي «البرلمان»، بعد أن أعلن العديد من كبار أعضاء «الحزب الديمقراطي الليبرالي» الحاكم معارضتهم لهذا الإغفال المستهجن. وانطلق الصوت المعارض الأقوى لهذه الاتفاقية من اللجنة الزراعية ذات النفوذ القوي داخل الحزب عندما هاجم أعضاؤها الاتفاقية، وهددوا بتقديم مشروع قانون يطالب بمقاطعتها لو اتضح أنها تضرر بالقطاع الزراعي الياباني. ويتوقع أن تثير هذه القضية نقاشاً حاداً داخل المجلس التشريعي وفي أوساط الرأي العام الياباني خلال الفترة المقبلة. ويأتي الصوت المعارض الأقوى ضد «اتفاقية الشراكة عبر الهادئ» داخل البرلمان، من الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، بالإضافة لبعض النواب الرافضين لبنودها المثيرة للاستياء. وستركز الاعتراضات على البنود المفصلة، وخاصة ما يتعلق بالأضرار التي ستلحق بالمزارعين اليابانيين عند تطبيقها، وبما يستوجب منحهم تعويضات سيتم التحاور بشأنها في إطار ميزانية مخصصة لهذا الغرض. وكان النص المفصل للاتفاقية قد عُرض على البرلمان في 8 مارس لمناقشته. وقبل أن يتم عرض أي مشروع قانون على طاولة المجلس التشريعي، لابد أن يمرّ عبر كل طبقات المسؤولين في الحزب الديمقراطي الليبرالي، بالإضافة لحزب «كومايتو» المتحالف معه، خاصة حين يتعلق الأمر بمعاهدة تثير الكثير من الجدل مثل اتفاقية الشراكة عبر الهادئ. وفي هذه الحالة، كان يتعين إنجاز المعالجة الحزبية للاتفاقية من أجل التأكد من أنها باتت جاهزة للتداول في البرلمان وتدارك فشلها في الحصول على الموافقة. وكان المفترض أن تمر أولاً عبر الأقسام السياسية للحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، والتي تتألف من مجموعة لجان من السياسيين ذوي التخصصات المناسبة مثل الزراعة والتجارة. وقد تشكلت هذه اللجان من أعضاء السلك الحكومي السابقين. وبعد أن تجاوزت الاتفاقية هذه اللجان، تم إرسالها إلى «مجلس البحوث المتعلقة بالسياسات». وبعد أن قرر المجلس إجازتها للعرض، تم توجيهها إلى الجسم السياسي الأكثر قوة ونفوذاً في الحزب، وهو «المجلس العام»، والذي يضم الممثلين المحافظين المحليين الأكثر تطرفاً، بالإضافة للقياديين السياسيين للحزب الديمقراطي الليبرالي. وبعد أن فازت الاتفاقية بتوقيع المجلس المذكور، تم تحويلها إلى المقصد الأخير، وهو المجلس المشترك لقادة حزبي الائتلاف الحاكم. وبعد إجراء المراجعة الأخيرة لبنود الاتفاقية أُعلن يوم 8 مارس الجاري عن إحالتها للنقاش في المجلس التشريعي. والذي يحدث الآن أن أعضاء البرلمان المنتمين للحزب الديمقراطي الليبرالي سيفتتحون جلسات النقاش بعد أن أعلنوا موافقتهم عليها مبدئياً، بمن فيهم أولئك المنتمين لقسم السياسات الزراعية في الحزب. ومعلوم أن هؤلاء الأعضاء هم الوحيدون الذين يمكنهم عرقلة عملية التصويت لمصلحة الاتفاقية، لكنهم قرروا ألا يفعلوا ذلك. ولهذا السبب يمكن القول: إن المعارضة الضعيفة التي تواجه الاتفاقية في البرلمان لن تكون كافية لإعاقة إمرارها والمصادقة عليها. وكل ما يمكن أن يفعله «الحزب الديمقراطي الياباني» المعارض وحلفاؤه هو تأخير عملية التصويت عليها، مثلما سبق أن فعلوا عند عرض «المعاهدة الهندية اليابانية للأمن الاجتماعي»، والتي لا تزال عالقة منذ مدة طويلة في خزائن البرلمان دون تصديق أو رفض. أما اتفاقية الشراكة عبر الهادئ، فمن غير المتوقع أن يكون مصيرها التناسي أو التأجيل نظراً لأهميتها. ويمكننا أن نتوقع الكثير من الأخذ والردّ تحت أقبية البرلمان فيما يخصها خلال الأسابيع المقبلة، لكن من المؤكد أنها ستعبر المجلس بنجاح. ماركوس وينتير أستاذ محاضر في السياسات الدولية بجامعة هوساي- طوكيو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تربيون نيوز سيرفس»