تراجعت قيمة الدولار الكندي وسعر النفط إلى مستويات قياسية؛ بيد أن هذه التفاصيل، ووقف مشروع خط أنابيب النفط «كيستون إكس إل»، لا تكشف عن المستقبل الذي ينتظر اقتصاد كندا، ثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة. فخلال العام الماضي، انتخب الكنديون رئيس وزراء نشط وبراجماتي هو «جستين ترودو»، الذي قاد حملة انتخابية على أساس برنامج يتضمن نشر التسامح، والتركيز على ضرورة تعاون الشعب في حل المشكلات، بما في ذلك إخراج كندا من عثراتها الاقتصادية. وأثارت طاقته الشبابية مقارنات مع «جون كيندي»، الذي وعد بخفض الضرائب عن الطبقة المتوسطة، والتعامل مع أكبر التحديات العلمية في عصره، الذي أصبح في الوقت الراهن: «تغير المناخ». ويتزامن التزام «ترودو» بمحاربة التغير المناخي مع اعترافه بأن الاقتصاد الكندي اعتمد بصورة مفرطة على النفط لفترة طويلة. والخبر السار بالنسبة «ترودو» هو أن السوق يشاطره وجهة نظره، التي تثبتها الحكومات المحلية. وفي الولايات المتحدة، كثيراً ما تكون المدن في طليعة التغيير، وفي كندا، تضطلع المدن والأقاليم بالمهمة ذاتها، وقد بدأت بالفعل ولاية «أونتاريو»، الأكثر ازدحاما بالسكان، برنامجاً مدته عشرة أعوام بقيمة 130 مليار دولار كندي لتحسين طرقها ومعابرها ومستشفياتها. وفاقت عائدات السندات التي باعتها لتمويل هذه الاستثمارات، متوسط أسعار السندات الوطنية. وقرر المستثمرون أن الحكومات ذات البنية التحتية القوية هي رهان أفضل من تلك التي تعتمد على الوقود الأحفوري، وبالطبع هم محقون. وأكد «ترودو» التزامه بزيادة الاستثمارات في البنية التحتية منخفضة الانبعاثات الكربونية وتكنولوجيا الطاقة النظيفة، وأصبحت شركة «كانديان سولار» من أبرز مصنعي لوحات الطاقة الشمسية في العالم، وتشير ردود أفعال السوق إلى أن المستثمرين يؤيدون التزامه، وكذلك القادة المحليين. وحددت المدن من «مونتريال» إلى «فانكوفر» أهدافا كبيرة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ويسمحون للشعب بمحاسبتهم على تحقيق هذه الأهداف علانية، من خلال برنامج إبلاغ تشارك فيه 400 مدينة حول العالم، وفرضت بعض الأقاليم الكندية ضرائب على ثاني أكسيد الكربون. وبتحديده أولوية الاستثمار في اقتصاد يعتمد على انبعاثات كربونية أقل، يسبح «ترودو» مع تيار السوق واتجاهات الحكومات المحلية، وستساعد هذه الاستثمارات في مواجهة المعضلات التي تواجه الاقتصاد الكندي. مايكل بلومبيرج* *مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للمدن والتغير المناخي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»