هي لعبة إسرائيلية قديمة حيث اعتدنا من الساسة الإسرائيليين أن يصوروا مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال، والتي تتساوى تماماً مع مقاومة الشعب الفرنسي للاحتلال النازي على أنها إرهاب، لقد كرر نتنياهو هذه اللعبة خلال استقباله لنائب الرئيس الأميركي جو بايدن منذ أيام محاولاً تحقيق الأهداف التالية: 1- دفع الإدارة الأميركية إلى تجاهل حقيقة دوافع الاحتلال الإسرائيلي للضفة وللقدس والتعامل معه على أنه أمر واقع لا يحتاج إلى تغيير. 2- تبديل أولويات الإدارة الأميركية في الزيارة مع طرح أفكار لحل النزاع تقوم على أساس إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة وغزة وعاصمتها القدس الشرقية مقابل اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل والتنازل عن حق العودة للاجئين. 3- إحراج نائب الرئيس الأميركي ودفعه إلى التركيز على إدانة عمليات المقاومة واعتبارها إرهاباً، وبالمناسبة فإنني أعتقد أن المقاومة الفلسطينية يجب أن تركز أعمالها على مواجهة القوات العسكرية التي تجسد الاحتلال على أرض الضفة، وأن تتجنب التعرض للمدنيين حتى لا تعطي نتنياهو ورجاله الفرصة لتحقيق نجاح في عملية الخلط المتعمدة بين المقاومة التي هي حق مشروع للشعوب الخاضعة للاحتلال بموجب المواثيق الدولية وبين الإرهاب الذي ندينه جميعاً. لقد استقبل نتنياهو ضيفه قائلاً له: لقد عشنا كما تعلم 24 ساعة عصيبة بالنسبة لإسرائيل، فلقد أصابت العمليات الإرهابية 12 شخصاً بجروح في خمس هجمات، ثم راح نتنياهو يركز ببراعة على أن هذه الهجمات قد أدت إلى قتل أميركي اسمه «تيلور فورس»، وقد كان طالباً في مرحلة الماجستير، كما أنه كان جندياً أميركياً حارب في العراق، ثم أضاف نتنياهو أنني أريد هنا أن أبعث تعازينا المخلصة إلى أسرته وأرجو للجرحى الشفاء العاجل. لقد استطاع نتنياهو بهذا الخطاب أن يستغل توجيه الطعنات للمدنيين بطريقة ناجحة، وهو ما يبين أن المقاومة يجب أن تغير أهدافها من المدنيين إلى قوات الاحتلال العسكرية، لقد استغل نتنياهو نفس المناسبة ليس فقط ليبرر سياسات القمع العسكري التي يقوم بها، بل أيضاً لإدانة السلطة الفلسطينية ورئيسها.. حيث قال في براءة زائفة: (لا شيء يبرر هذه العمليات الإرهابية ولأسفي الشديد بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يكتفي برفض إدانة هذه العمليات الإرهابية، بل إن الحركة التي يرأسها وهي حركة «فتح» قد أشادت بالإرهابي الذي قتل الأميركي واعتبرته بطلاً فلسطينياً).. هكذا تمكن نتنياهو بنجاح من استخدام الأخطاء الفلسطينية ليس فقط لخلط المقاومة بالإرهاب، بل أيضاً لإدانة السلطة الفلسطينية، ولحسن الحظ كان نجاحه محدوداً، ذلك أن نائب الرئيس الأميركي بعد أن عبّر عن رفضه للإرهاب وإدانته له أضاف عبارة تعني أن الإدارة ترفض الحلول القمعية العسكرية التي تعتمدها حكومة نتنياهو لمواجهة الهجمات، وأنها تفضل الحلول السياسية وخلاصتها إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.. قال بايدن بالنص: إن الوسائل العسكرية لا تمثل الحل لهذه المشاكل.. إننا كعرب نميز جيداً بين حق المقاومة المشروع للاحتلال وبين جرائم الإرهاب، وفي نفس الوقت نطالب المقاومة الفلسطينية بتجنب التعرض للمدنيين وتوجيه نضالها ضد قوات الاحتلال العسكرية. *أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس