استقبلت الاقتصادات الآسيوية الكبرى اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق 8 مارس هذا العام 2016 بالقليل جداً من الجلبة والضوضاء على رغم معاناتها من التحديات الديموغرافية بسبب شيخوخة مجتمعاتها وخاصة في الصين واليابان وكوريا الجنوبية. وقد أشارت بيانات صادرة عن البنك الآسيوي للتنمية ADB، إلى أن مجالس إدارة الشركات الآسيوية تعاني من انخفاض مستوى التنوع بين الجنسين على رغم مبادرات بعض الدول لاتخاذ تدابير لمواجهة هذه الظاهرة مثل اليابان التي أطلقت مشروع «اقتصادات النساء» Womenomics. ويرى البنك أن الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة اجتماعية- ثقافية الطابع، وليست ناتجة عن خطة متعمدة في طريقة إشغال المناصب. وفي تقرير حمل عنوان «القيادة النسائية وأداء الشركات»، أشار البنك إلى أن الدول الغربية هي الرائدة على المستوى العالمي فيما يتعلق بتمثيل النساء في المناصب القيادية وخاصة في الدول الإسكندنافية. ففي عام 2014، بلغت نسبة النساء اللائي يشغلن مناصب قيادية في النرويج 40,5 في المئة فيما بلغت هذه النسبة 27 في المئة في كل من فنلندا والسويد، لتنخفض في بريطانيا إلى 21 في المئة، وفي الولايات المتحدة إلى 17 في المئة. وخلافاً لهذه الحال، تنخفض النسبة في كوريا الجنوبية إلى مستوى متدنٍّ وصل إلى نسبة 1,9 في المئة، وهو أخفض قليلاً عما هو في اليابان حيث بلغ 2 في المئة، ليرتفع في سنغافورة إلى 8,3 في المئة، وفي ماليزيا إلى 8,6. وقد حققت أستراليا أعلى نسبة في منطقة شرق المحيط الهادي بلغت 18 في المئة تليها نيوزلندا بنسبة 15 في المئة ثم إندونيسيا بنسبة 11,6 في المئة، وفقاً للدراسة التي أنجزتها لجنة متخصصة تابعة للبنك الآسيوي للتنمية هي التي أصدرت التقرير. وتتفق هذه النسب العالية لتوظيف النساء في المناصب العليا في الدول الأوروبية مع النسب الإلزامية بعد أن أصدرت بريطانيا توصيات تقضي بألا تقل نسبة المشاركة النسائية في مناصب المديرين العامّين في الشركات والمؤسسات عن 25 في المئة، فيما بلغت هذه النسبة الإلزامية 30 في المئة في ألمانيا و40 في المئة في النرويج. وفي دول آسيا، لم يتم إصدار مثل هذه التوصيات الملزمة إلا في الهند وماليزيا، حيث تفرض القوانين الالتزام بالتنوع بحسب الجنسين على رغم أن التقرير يشير إلى تحقيق تقدم طفيف في هذا المجال في كلتا الدولتين. ومع أن القانون يفرض على كل الشركات المسجلة في الهند تعيين إمرأة واحدة على الأقل في مجلس إدارتها ابتداء من بداية شهر مارس 2015، فقد أذعنت العديد من الشركات لهذا القانون بطريقة ملتوية حين عمدت إلى تعيين زوجات أصحاب الشركات أو المؤتمنين على إدارتها. ويشير التقرير أيضاً إلى أن ثلث الشركات تجاهلت هذا القانون تماماً. وفي 1 أبريل المقبل، ستبدأ اليابان بتطبيق قانون جديد يُلزم الشركات التي تشغّل أكثر من 300 موظف بأن تنشر بيانات دورية عن أعداد ومناصب النساء العاملات لديها. ويمثل هذا القانون جزءاً من مبادرة أطلقها رئيس الوزراء «شينزو آبي« للدفع باتجاه الرفع من معدل تمثيل النساء في المناصب الإدارية. وفي أستراليا، اقترحت إليزابيث براوست، رئيسة مجلس إدارة المعهد الأسترالي لمديري الشركات، فرض نسبة إلزامية على أكبر 200 شركة أسترالية لتمثيل النساء في المناصب الإدارية بحيث يبدأ تطبيقها مطلع عام 2018، وإذا لم تلتزم بهذه النسبة التي تبلغ 30 في المئة تطبق عليها العقوبات. وأشارت «براوست» إلى أن 38 شركة فقط من أصل الـ200 شركة المذكورة التزمت مسبقاً بتوظيف النساء في المناصب العليا بطريقة تطوعية. وعمدت «براوست» إلى تصحيح بعض المزاعم الشائعة حول الموضوع عندما قالت خلال مقابلة أجرتها معها صحيفة «سيدني مورنينج هيرالد» إنه: «باستثناء المهندسين، تتخرج النساء من الجامعات بأعداد متساوية مع الرجال في مختلف التخصصات منذ أكثر من 25 عاماً، وهذا ما يبطل مزاعم البعض بانخفاض أعداد النساء المؤهلات لشغل المناصب». وقد ألقى بحث جديد المزيد من الضوء على الفوائد الكامنة وراء تعيين النساء في منصب قيادي كالمدير العام، حيث أثبت البحث أن أكبر 500 شركة أميركية وفقاً لتصنيف مؤسسة «يو إس فورتشن» لعام 2011 من تلك التي تضم كل واحدة منها 3 مديرات عامات على الأقل، كانت تحقق أرباحاً تزيد بمعدل 4,8 في المئة عن تلك التي لا تضم في مجالس إدارتها نساء على الإطلاق. وفي المقابل جاء في التقرير الذي أصدره البنك الآسيوي للتنمية أن التنوع الضعيف في تمثيل الجنسين في مجالس إدارة أغلب الشركات والمؤسسات الآسيوية يعود لانخفاض عدد النساء المؤهلات بسبب نقص الفرص التعليمية وانخفاض أجور تشغيل النساء، والعمل على رفع معدل أعمار الأطفال حديثي الولادة، فضلاً عن اعتبارات اجتماعية- ثقافية أخرى مختلفة تعاني منها نساء آسيا. --------------- كاتب أميركي متخصص في أسواق المال وصناعة الاتصالات ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تربيون نيوز سيرفس»