القرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية في ختام أعمال دورتها الـ145 على مستوى وزراء الخارجية، باعتبار «حزب الله» اللبناني منظمة إرهابية، قرار في غاية الأهمية، وقد جاء في وقته، وهو في جوهره تطور نوعي في تعامل الجامعة مع مثل هذه المنظمات الإرهابية؛ إذ لأول مرة توجه الجامعة اتهاماً رسمياً ومباشراً لـ«حزب الله»، بعد أن تبين لها بالوثائق والأدلة والأسماء تورطه في العديد من العمليات الإرهابية. الجامعة العربية، ومن منطلق حرصها على الشعب اللبناني، كانت تمتنع في السابق عن توجيه اتهام مباشر للحزب، لكن الأمر الآن لم يعد يحتمل التأجيل والمواءمة السياسية، بعد أن انكشفت كل الأدلة وبعد أن أصبح الشعب اللبناني والقرار السياسي اللبناني مختطفين على يد هذا الحزب، والذي أصبح، كما يقول أمينه العام السابق الشيخ صبحي الطفيلي، «جزءاً فاعلاً وأساسياً من أسباب الفتنة في المنطقة وجنوده عبارة عن مرتزقة يقاتلون في خدمة السياسة الإيرانية والروسية ومشاريع الآخرين» («الشرق الأوسط» 29-2-2016). أما ادعاء الحزب بأنه يدافع عن الشعب الفلسطيني ويريد تحرير فلسطين والمسجد الأقصى ومقاومة العدو الإسرائيلي، فتلك أكبر كذبة عرفتها أمتنا الإسلامية، وقد جعلت من هذا الحزب ورئيسه سخرية للجميع، لأن كل ما فعله الحزب كان ضد القضية الفلسطينية، وهذا بتأكيد صبحي الطفيلي نفسه. وبدل أن يحرر الحزب فلسطين والمسجد الأقصى من الاحتلال الصهيوني، أصبح مصدِّراً للفتنة والإرهاب إلى الدول العربية، وهو بذلك يسلك نفس المسار الذي حددته له إيران ليكون ذراعها في لبنان، وهي ذاتها التي اتخذت من القضية الفلسطينية شعاراً وستاراً لتحقيق أهدافها في المنطقة. وقد أصبح معلوماً أن الأموال التي يحصل عليها هذا الحزب هي أموال مشبوهة، إذ يأتي بعضها من إيران، وبعضها الآخر من تجارة المخدرات وغسيل الأموال. وقد كشف عضوٌ في اللجنة المالية بمجلس النواب الأميركي أن 30% من مداخيل «حزب الله» هي عائدات تهريب وإنتاج وبيع المخدرات، لذلك لم أستغرب من كلمة وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري أمام مجلس وزراء الخارجية العرب عندما خاطبهم قائلاً: «إن حزب الله والحشد الشعبي حفظا كرامة العرب»، متهماً دول الخليج بالإرهاب! وذلك لأن «حزب الدعوة» الذي ينتمي إليه، صنيعة إيرانية هو الآخر، ولأن أول من ابتكر الإرهاب في المنطقة هو الثورة الإيرانية وذراعها في العراق «حزب الدعوة». فزعيمه، رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، مسؤول عن دماء كثير من أهل السُنة في العراق، حيث تبين أن عدد توقيعاته غير القانونية على قرارات الإعدام بلغت 11 ألف حالة كلها تقريباً ضد أبنا السُّنة. ويبدو أن الجعفري أغلق عينيه وأذينه عما فعله حزبه في الكويت والبحرين والسعودية واليمن، ولم يقرأ ما قاله وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي من أن «إيران ترتكب يومياً تجاوزات غير مسبوقة، وتثبت بأنها دولة مارقة ومتمردة على الشرعية، ونحن لم نعد بحاجة إلى البرهنة بالأدلة على أن إيران تتجاوز وتهدد الأمن القومي العربي، وهي كل يوم تقدم بنفسها الأدلة الدامغة التي تؤكد تورطها في الشأن العربي واليمني على وجه الخصوص» («الشرق الأوسط» 13-3-2016). ومعروف أن القرار الأممي رقم 2216 يلزم كافة الدول بعدم تقديم العون للإرهابيين ومدهم بالسلاح والمال، لذلك فللحكومة اليمنية أن تقدم في أي وقت شكوى إلى مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد إيران وأذرعها في اليمن والمنطقة.