يبدو السباق على ترشيح الحزب «الديمقراطي» مثل معركة حول ميراث رئاسة أوباما. فهيلاري كلينتون، التي تحولت بنجاح من منافسة إلى وريثة، تنسب نفسها إلى ذلك الميراث حيثما أمكن. أما منافسها الديمقراطي «بيرني ساندرز» فيشير بأصابع الاتهام محذراً، بينما تشير دعوته إلى القيام بثورة على «وول ستريت» إلى أن قدراً كبيراً من الأمل الذي صاحب انتخاب أوباما لم يتمخض سوى عن قليل من التغيير. وقالت هيلاري معاتبة في المناظرة الأخيرة بينهما، «إن ذلك النوع من الانتقاد الذي نسمعه من السينتاتور ساندرز بشأن الرئيس، نتوقعه من الجمهوريين ولا نتوقعه من شخص ينافس على ترشيح الحزب الديمقراطي ليخلف باراك أوباما». وإلى أن يدلي المؤرخون بآرائهم حول أوباما، سيظل الأميركيون مختلفين بشأنه. لكن في حين يروي المؤلفون من جناح اليمين حكايات عن عدم شرعية رئاسته، وعن المؤامرة التي أوصلته إلى سدة الرئاسة، ويفرطون في محاولاتهم الرامية إلى تشويه أوباما.. يسعى الصحافي الليبرالي، والمذيع التلفزيوني، «بيل برس» الذي ينتمي إلى جناح اليسار، من خلال كتابه الجديد «ندم المشتري.. كيف ترك أوباما التقدميين يسقطون»، إلى تقديم أحكام مطولة حول رئاسة أوباما، وجميعها تصب في مصلحة «ساندرز». وفي كتابه «ندم المشتري»، يحاول «برس» اختزال سنوات رئاسة أوباما في عبارة «نعم ولكن». فيقول: «نعم اقتنص أوباما قانون التحفيز الاقتصادي من خلال الكونجرس، لكنه كان محدوداً، ومرر قانون الرعاية الصحية، لكنه قامر بخيارات الشعب، ووقّع قانون إصلاح «وول ستريت»، لكن صلاحيات مؤسساته ظلت كما هي، وأنهى استخدام التعذيب كوسيلة للحفاظ على الأمن القومي الأميركي، لكنه أخفق في مقاضاة الموظفين البارزين المسؤولين عنه. ويؤكد المؤلف أنه رغم أن أوباما صنع التاريخ وأصبح أول رئيس أميركي أسود، لكنه كان دائماً متردداً عند الحديث عن المظالم العرقية، وفي حين أنه أنهى حرب العراق، فقد انزلق في صراع جديد هناك. ويقول برس: «إن رئاسة أوباما بدت فرصة عظيمة أهدرت». وفي حين يفصِّل برس كل الأشياء التي فعلها أوباما وخيبت أمال الأميركيين، يقر بأن جزءاً من خيبة الأمل لا مفر منه، قائلاً: «كي أكون أميناً، الليبراليون، كفئة من المجتمع، لا يرضون أبداً». ويضيف: «المشكلة مع أوباما هي أن الرئيس لم يقاتل بقوة كافية قبل أن يصل إلى تسوية بشأن القضايا التي دافع عنها، والبحث عن إجماع والسعي الدؤوب من أجل حلول وسط، لاسيما بشأن السياسات الاقتصادية». وينتقد المؤلف أوباما لأنه لم يبذل جهوداً أكبر، وبشكل صحيح، بشأن التغير المناخي وإصلاح قوانين الهجرة، وحقوق العمال ومعتقل جوانتنامو. وبالطبع، عندما يكون كل شيء يمثل أولوية، لا يتم تحقيق شيء، وقد تعين على أوباما أن يتعامل مع قضية الحيلولة دون حدوث كساد كبير. غير أن انتقادات «برس» تبدو مشوشة في بعض الجوانب، خصوصاً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فتارة ينتقد أوباما لأنه لم يستخدم القوة في سوريا، وفي الوقت ذاته ينتقد استخدامها في ليبيا، ثم يلومه لأنه لم يستخدم قوة كافية ضد تنظيم «داعش». ولا يقدم برس رؤية تقدمية متماسكة بشأن السياسة الخارجية. ومع ذلك، يرفض المؤلف الحجج المألوفة بشأن بطء وتيرة التغيير في ظل إدارة أوباما، قائلاً: «على الرغم من أن الرئيس أوباما واجه معارضة ذات دوافع عرقية، فإنه فشل في استغلال قوة سلطته في تعزيز أهداف تقدمية، وهو من يتحمل الخطأ، وليس معارضيه». وائل بدران الكتاب: ندم المشتري المؤلف: بيل بريس الناشر: ثريهولد تاريخ النشر: 2016