تتكرر المشاهد والسيناريوهات الإيرانية والمخططات المبيّتة التي من شأنها نشر الإرهاب، والسعي لزيادة السيطرة والنفوذ الإيراني على المنطقة، وكذا الرغبة الملحة في الوصول إلى حوض البحر المتوسط، من خلال المليشيات التي تدعم أنشطتها وتنفذ أجندتها الساعية إلى دمار وخراب الدول التي وضعت فيها إيران موطئ قدم لها. والعراق من بين تلك الدول التي سعت إيران للسيطرة عليها، مُسخّرة خيراته وناهبة ثرواته لخدمة الأهداف الفارسية البحتة، وقد صارت إيران تلعب وتحرك المليشيات والعصابات في تلك الدول التي تمكنت من اختراقها، بل وصارت تُروّض تلك الدول والحكومات للإنفاق على المليشيات بدلاً من أن تتكبد هي فواتير الإرهاب الضخمة، كما هو الحال مع تنظيم «حزب الله» اللبناني. وقد سعت إيران والمرجعيات الشيعية المتطرفة إلى تكوين مليشيات «الحشد الشعبي» لتكون جيشاً رديفاً يخدم أجندة إيران ويدافع عن مصالحها خارج إقليمها، ومطيعاً لأوامرها، منصاعاً لتعليماتها، والهدف السياسي لطهران في دعمها لـ«الحشد الشعبي»، هو أن العناصر المقاتلة بالنيابة عن إيران ستسعى إلى استغلال دورها المباشر في الحرب للهيمنة على انتخابات مجالس المحافظات العراقية في عام 2017 والانتخابات النيابية في عام 2018، وإذا تكلَّل سعيها هذا بالنجاح، فقد تُسقط النظام السياسي، متجاوزةً بذلك التكنوقراط والمعتدلين الشيعة. وتستطيع إيران بذلك أن توصل قادة مليشيات «الحشد الشعبي» الذين خدموا الإيرانيين إلى تصدُّر واجهة النظام السياسي. أما عن هدف إيران العسكري المستقبلي المنوط بمليشيات «الحشد الشعبي» فيتمحور في السعي بكل الطرق لإدماجها في الجيش العراقي، وبذلك تستنسخ إيران تجربة «حزب الله» في لبنان لتطبقها في العراق ولكن على نحو مختلف، فالحزب في لبنان يشكل أحد التيارات المتنفذة في النظام السياسي اللبناني غير الحكومي، أما في الحالة العراقية فإن تلك المليشيات ستكون في عصب النظام السياسي العراقي الحكومي، في أحد أهم مفاصل الدولة العراقية وهو وزارة الدفاع العراقية، وبذلك يكون لإيران جيش يدافع عن مصالحها الإقليمية خارج أراضيها. وتكتمل حلقات المليشيات المسلحة التابعة لإيران ضمن مخطط «الهلال الشيعي» الذي كشفت مخططاته. والجديد في الأمر أن طهران فرضت على الحكومة العراقية دعم مليشيا «الحشد» بذريعة مواجهة «داعش»، وبذلك تكونت مليشيا الحشد الموالية لإيران والممولة من طرف العراق، لتحقق بذلك مصلحة لإيران في تكوين عصابة لا تنفق عليها ولكنها تتبعها وتطيع تعليماتها، دون قيد أو شرط. والتهديد والوعيد الصادر من مليشيات موالية لإيران ضد دول الخليج، يكشف أنها تنتظر تعليمات مرجعياتها لنشر الفوضى، ولكن غرور العمالة وجنون الجهل والتعصب هو ما دفع تلك المليشيات للتفكير بهذه الطريقة الرعناء، فهي لم تدرك بعد الحجم الحقيقي لدول الخليج العربي وما تمتلكه من مصادر قوة كبيرة وكثيرة، ما شاء الله، وقد ظهرت قوتها في مواجهة كل التحديات والأزمات المتلاحقة في المنطقة، بدءاً من حرب الخليج الأولى، إلى الانتصارات المتلاحقة في اليمن ودحر «الحوثيين» أذناب الفرس وإرغامهم على الخضوع والخنوع للشرعية وتحرير المحافظات تلو الأخرى إلى أن يتم الحسم قريباً بإذن الله. أما مليشيات العمالة والذالة تلك فليست سوى عصابات متناثرة وجماعات مرتزقة جمعتهم بضعة دولارات ودفعهم التشرد والجوع والبطالة على الانضواء تحت رايات الفرس لتشكيل فصيل يتحارب ويتناحر في الشوارع دون الخضوع لتدريبات عسكرية أو تمرينات ميدانية، ويسبح «الوغد» في سراب الوهم بالتطاول على دول الخليج العربي التي امتدت خيراتها إلى الوطن العربي كله، وتجاوزت تضحياتها نطاقها الإقليمي وباتت تحمل هم الأمة جمعاء. وهذه هي خلفية الكلمات البذيئة التي تفوه بها أحد أبواق الدعاية الإيرانية، بأسلوب سفيه ورخيص، مندداً ومتوعداً بعدما عرف موقع مليشياته المأجورة من الإعراب، وتصنيفهم الحقيقي والمنطقي بعد الأفعال الإجرامية التي ارتكبوها بحق أهالي العراق والتصفيات الطائفية والمذهبية الممارسة هناك التي جعلت المعتدلين من شيعتهم ينددون بأفعالهم ويستنكرون ممارساتهم، ومثل تلك الجعجعة كفيلة في حد ذاتها بفضح طائفية وإفلاس خطابهم وسقوط كل الأقنعة عن جرائمهم وإرهابهم.