قامت الدنيا ولم تقعد عند فئة عراقية لا يعترف أفرادها إلا بالولاء والتبعية لطهران، بعد أن قسمت وفتتت مقومات الدولة العراقية المتماسكة قبل مجيئهم إليها بأجندات طائفية، فقد شن هؤلاء بأوامر عليا حملة شعواء على دولة الإمارات العربية المتحدة ووزير خارجيتها سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، الذي كان له تصريح دقيق عن «الحشد الشعبي»، وذلك في مؤتمر صحفي جمعه مع نظيره الروسي في موسكو. إنه تصريح في منتهى الأدب والهدوء والدقة والشفافية، وكعادته دوماً تحدث سمو الشيخ عبد الله بن زايد، في موسكو، عن الإرهاب والإرهابيين ومن يدعمهم بغض النظر عن جنسيتهم وانتمائهم ومن هو وراءهم، وضرورة شن الحرب عليهم نظراً لما يشكلونه من خطر وتهديد للسلم العالمي، وقابل ذلك التصريح الموضوعي والواقعي هجوم عنيف على الإمارات وحكامها بسبب تلك الكلمات الواضحة والهادئة والرزينة، التي أشارت إلى أنه في سبيل القضاء على الإرهاب لا يجب التفريق بين «داعش» و«جبهة النصرة»، التي تعتبر فرع تنظيم «القاعدة» في سوريا، وبين جماعات ومليشيات طائفية تدعمها إيران في سوريا والعراق. هذا ما جاء في المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير الإماراتي مع نظيره الروسي في موسكو، حيث قال: (لا يمكن لنا أن نفرق بين «داعش» و«النصرة» من جهة والجماعات المدعومة من إيران في سوريا والعراق، إذا كنا نريد القضاء على «داعش» و«النصرة» بمرة واحدة وننتهي من ذلك، لا يمكن أن نرى كتائب أبو الفضل العباس وجماعة «بدر» و«الحشد الشعبي» و«حزب الله» يفعلون ما يفعلونه بأبناء الشعب العراقي والسوري). هذا التصريح أثار الخارجية العراقية التي أعلنت أنها ستستدعي السفير الإماراتي في بغداد، وفوق ذلك، تلك التصريحات وأشكال الهجوم الكلامي والتهديدات الواهية والبذيئة للإمارات من قبل مجاميع لا تعرف شيئاً عن الحقيقة. لكن دولة الإمارات تدهشنا كل يوم بما تقدمه من نهج يتسم بالتسامح، في ظل دولة تتسع لأكثر من 200 جنسية، تعيش جميعها تحت سقف واحد هو القانون الذي ينظم حياة وعلاقات الجميع بأمن وأمان ورخاء، ومن بينهم العراقيون من مختلف الفئات والشرائح والمذاهب الذي يعيشون بسلام ووئام في الإمارات، ولديهم استثمارات هائلة آمنة، لكن لدى بعضهم أبواقاً هناك في بغداد تنتظر تنفيذ أوامر طهران، ويبدو أن تلك الجماعات نسيت حقيقة الإمارات، وطابعها الوحدوي وجنوحها الدائم نحو السلم والتعايش مع الجميع، بينما هم من فرّق دولتهم وقسمّها، لكن هؤلاء لا يعون أو يدركون هذه المفاهيم ويعجزون عن الالتزام بها، لذلك شنوا تلك الحملات العنيفة على الإمارات، التي تمتلك رصيداً وإرثاً من الأخلاق والنبل، يفتقده مثل هؤلاء المدافعين عن الإرهاب والإرهابيين، ومن لا يمتلك الأخلاق العالية لا يجوز له التطاول على النبلاء. لقد تميز «هاشتاج» بعنوان «كلنا الشيخ عبد الله بن زايد»، أطلقه نشطاء على تويتر، بتفاعل كبير، حيث تصدر قائمة المواضيع الأكثر قراءة في دول الخليج، وفي نفس الوقت حمل رسالة تضامن عربي خليجي مع دولة الإمارات، التي تنبذ سياسة أنصاف الحلول فيما يتعلق بالإرهاب. وغرد نشطاء مؤكدين على أن موقف الإمارات من الحشد الشعبي الطائفي في العراق، وممارساته الإجرامية، ينطلق من سياستها الواضحة في مجال محاربة الإرهاب كله، وهي مقاربة أثبتت الأيام نجاعتها، وهو ما شكا منه فئات عراقية كثيرة وطالبت من الدول العربية والمنظمات العالمية إنقاذهم من هذا الإجرام المستمر الذي يستهدف فئة بعينها من المجتمع العراقي، وأمعن في قتلها والتنكيل بها وتشريدها بالصورة والصوت. بكل بساطة، مثل هذه الحملات المدفوعة الثمن، والتي تهدف إلى النيل من مكانة دولة الإمارات في هذه الظروف لن تفلح، فالإمارات يشهد لها القاصي والداني، وهي تقدم للجميع كل يوم ما يثبت مدى عشقها لثقافة الحياة وكرهها للطائفية. د. علي القحيص* *مدير صحيفة الرياض السعودية بالإمارات ?