مما يوثّقه التاريخ حقيقة أن ملحمة الاتحاد الفريدة التي سطرتها الإمارات في سبعينيات القرن الماضي، أفرزت دولةً فتية سرعان ما أبهرت العالم أجمع، بما حققته من نهضة قياسية وإنجازات عملاقة على الصعد كافة، والمؤكد أن من أبرز أسباب تلك النهضة الشاملة إدراك مؤسسي الدولة، وعلى رأسهم القائد الوالد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)، منذ اللحظة الأولى لإعلان الاتحاد، وبما امتلكوه من حكمة وفطنة حباهم الله عزّ وجلّ بها، أن الإنسان الإماراتي هو أغلى موارد الدولة، وأن تسليحه بالعلم والمعرفة وتوفير كل مقومات سعادته ورخائه وعيشه الكريم، هو خير استثمار تقوم به لمواصلة مسيرة الارتقاء في عوالم التقدم والازدهار. هذه القاعدة الراسخة التي كرّسها مؤسسو الدولة عبر سنوات من العطاء، باتت نهجاً ثابتاً، إذ تواصل الدولة في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله)، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله)، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة (حفظه الله)، وضع رفاهية المواطن وسعادته في صدارة الأهداف الوطنية الاستراتيجية بما يحقق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، و«رؤية الإمارات 2021»، لجعل الدولة من أفضل دول العالم. وأبرز الشواهد على ما سبق، هو ما حصدته الدولة من مواقع متقدمة في مؤشرات التنمية، إضافة إلى تصدّرها المنطقة والعالم العربي في مؤشرات السعادة والرضا، فضلاً عن الخطوة غير المسبوقة التي قامت بها الإمارات باستحداث وزارة للسعادة في تشكيلة الحكومة الاتحادية الجديدة، ما يعكس طموح القيادة الرشيدة وحرصها على المضي قدُماً نحو تتويج شعب الإمارات كأسعد شعوب المعمورة. ومما يترجم ذلك مجدداً أيضاً، ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله)، خلال استعراض سموه للبرنامج الوطني للسعادة والإيجابية في دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً، بأن السياسات والبرامج والخدمات الحكومية كافة، لابد أن تسهم في صناعة مجتمع إيجابي وسعيد، وأن وظيفة الحكومة تهيئة البيئة المناسبة لسعادة الأفراد والأسر والموظفين، وترسيخ الإيجابية كقيمة مجتمعية، إلى جانب تأكيد سموه كذلك أهمية توفير بيئات إيجابية وسعيدة لموظفي الحكومة كافة، وترسيخ القيم الإيجابية في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، لأن جميع الوزارات ينبغي أن تكون وزارات سعادة بسياساتها وبرامجها وخدماتها وبيئة العمل فيها. وقد تضمن البرنامج الوطني للسعادة والإيجابية الذي عرضته معالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة الدولة للسعادة، أمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مجموعة من المبادرات في ثلاثة مجالات رئيسية هي: تضمين السعادة في سياسات وبرامج وخدمات الجهات الحكومية كافة وبيئة العمل فيها، وترسيخ قيم الإيجابية والسعادة كأسلوب حياة في مجتمع الإمارات، وتطوير مقاييس وأدوات جديدة لقياس السعادة في مجتمع الإمارات. وتعكس تصريحات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم المشار إليها، إلى جانب محتوى البرنامج الوطني للسعادة والإيجابية، توجيهاً مباشراً بضرورة تكاتف مكونات المجتمع الإماراتي كافة لجعل الإيجابية والسعادة نهج حياة راسخاً ينعم في ظله المواطنون والمقيمون بأعلى معايير العيش الكريم، وتعد خطوة ريادية جديدة، تبرهن على أن تفوق الإمارات في مجال تعزيز التنمية ورخاء المجتمع لا يقتصر على تخصيص وزارة للسعادة، بل يتجاوز ذلك لجعل وزارات الحكومة كافة مساهمة في مسؤولية نشر ثقافة السعادة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية