تضع دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن أولويات سياستها الخارجية العمل على دعم كافة الجهود الرامية إلى تعزيز فرص إحلال السلم والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وتترجم ذلك في مواقفها وسياساتها المتزنة إزاء مختلف القضايا، وفي مشاركتها الفاعلة في أي جهد يستهدف الحفاظ على أمن واستقرار دول المنطقة، وكذلك في مبادراتها البنّاءة التي تستهدف مناقشة التحديات التي تواجه دول المنطقة، وكيفية التعامل البنّاء معها. ولعل هذا يفسر النظر إليها باعتبارها قوة إقليمية فاعلة، تحرص القوى الكبرى على التعرف إلى رؤاها والتنسيق والتشاور معها، من أجل التعرف إلى طبيعة قضايا المنطقة، وإيجاد الحلول اللازمة لها. وهذا ما عبّرت عنه بوضوح الزيارة الأخيرة التي قام بها جو بايدن نائب الرئيس الأميركي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي عكست في جوهرها حرص الولايات المتحدة على معرفة وجهة نظر الإمارات إزاء التطورات والمستجدات الحالية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، حيث تنظر الولايات المتحدة بتقدير واحترام كبيرين إلى رؤية الإمارات لهذه التطورات ومساراتها المستقبلية، انطلاقاً من إدراكها أهمية الدور الحيوي الذي تلعبه في دعم جهود الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي. وهذا ما أشار إليه نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة «الاتحاد» على هامش زيارته للدولة، حينما أكد «أن دولة الإمارات العربية المتحدة تنتهج سياسة معتدلة مع جميع الأطراف بما في ذلك القوى العظمى وتأتي على رأسها الولايات المتحدة الأميركية، في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط دوراً مهماً لدولة الإمارات العربية المتحدة في بسط الأمن والاستقرار». إن نظرة سريعة إلى التطورات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية، تؤكد بجلاء حيوية الدور الذي لعبته الإمارات في دعم جهود الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ومواجهة التحديات ومصادر التهديد المختلفة التي تواجه دول المنطقة، فقد انضمت إلى التحالف الدولي ضد «داعش» في عام 2014، وذلك من منطلق إدراكها أهمية التعاون الإقليمي والدولي في التصدي للتنظيمات المتطرفة والإرهابية التي تمثل تهديداً لأمن واستقرار المنطقة والعالم. كما شاركت الإمارات في عمليتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» ضمن تحالف الدفاع عن الشرعية الدستورية في اليمن الشقيق، من منطلق إيمانها بأهمية الوقوف إلى جانب اليمن، حكومة وشعباً، والحفاظ على سيادته ووحدته وعروبته، وبما يحقق تطلعات الشعب اليمني في الأمن والاستقرار والبناء والتنمية. كما طرحت الإمارات العديد من المبادرات التي تستهدف تعزيز قدرة دول المنطقة على مواجهة التحديات التي تواجها، ففي عام 2015 أطلقت، بالتعاون مع الولايات المتحدة، مركز «صواب»، كمبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تهدف إلى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، من خلال التواصل مع مجتمعات الإنترنت، التي غالباً ما تكون فريسة سهلة لدعاة الأفكار المتطرفة والهدامة التي مصدرها «داعش» والجماعات والتنظيمات الجهادية والإرهابية الأخرى. وفي عام 2014، أطلقت الإمارات «مجلس حكماء المسلمين» الذي يعتبر أول هيئة دولية مستقلة تهدف إلى تعزيز السلم في العالم الإسلامي، من خلال التصدي لأصحاب الأيديولوجيات المتطرفة التي تعصف بالعالم الإسلامي، وتقف وراء إشعال الصراع الطائفي وتصاعد الإرهاب والتحريض على العنف، وتفاقم الاستقطاب في العالم الإسلامي. تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة بهذه المواقف والمبادرات أنها دولة مسؤولة في محيطها الإقليمي والدولي، تبذل قصارى جهدها من أجل حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، لأنها تدرك أن ذلك هو الطريق لتحقيق السلام والتعايش والازدهار لشعوب المنطقة بأكملها. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية