لطالما ازدانت مسيرة الاتحاد منذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة بمنظومة من القيم الإيجابية والفاعلة التي ميّزت ولا تزال، المجتمع الإماراتي والعلاقات بين أفراده، ممثلةً في التسامح والتعايش وإعلاء سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، وهي منظومة القيم التي جعلت الإمارات مكاناً مثالياً للعيش والإقامة، ومن ثمّ نموذجاً عالمياً للتعايش والتماسك الاجتماعي. ولعلّ من أبرز القيم الإيجابية التي يفاخر بها أبناء الإمارات جيلاً بعد جيل، المكانة الاجتماعية الرفيعة التي يحظى بها كبار السن في المجتمع الإماراتي، والاهتمام الكبير بتقدير هذه الفئة ورعايتها، حتى بات ذلك مسؤولية فردية وجماعية في الوقت ذاته، وجزءاً لا يتجزأ من التركيبة الاجتماعية والثقافية للمجتمع، فضلاً عن كون رعاية كبار السن واجب ديني يحث عليه الدين الحنيف. إن الاهتمام الكبير الذي توليه قيادتنا الرشيدة لكبار السنّ منذ عهد القائد الوالد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، حينما كان المسنون من أولى الفئات التي تحصل على المساعدة الاجتماعية، هو نهج راسخ يواصله صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حيث تولي الدولة في عهده المسنين عناية خاصة، إذ لا يقتصر الاهتمام بهم على التمسك بالقيم الاجتماعية والعادات والتقاليد، بل إنه يشتمل على عمل مؤسسي، تقوم من خلاله المؤسسات المعنية بتقديم كل الخدمات التي يحتاج إليها كبار السن، فتوفّر الرعاية اللازمة لهذه الفئة المهمّة من المجتمع، في مجالات الرعاية الاجتماعية والصحية والإسكان وغيرها. ومؤخراً، جاء إعلان وزارة تنمية المجتمع إطلاق مبادرة «نوصلكم» التي تستهدف الوصول إلى المسنين في جميع مناطق الدولة، ابتداءً من أبريل المقبل، لتعزز زخم اهتمام الإمارات بمسنيها. والجديد في هذه المبادرة بحسب معالي نجلاء بنت محمد العور، وزيرة تنمية المجتمع، أنها بصدد تحويل خدمات الوزارة إلى خدمات متنقلة تصل إلى المسنين حيثما كانوا، بما يشمل المناطق السكنية والمدن الكبرى، ودور المسنين والمستشفيات واستراحات «الشيّاب» وغيرها من المؤسسات، بما يضمن تيسير إنجاز معاملاتهم وتذليل أي صعوبات قد يواجهونها. كما يميز هذه المبادرة أنها لا تقتصر على تقديم الخدمات لفئة كبار السن، بل تتجاوز ذلك إلى تقديم الرعاية الكاملة والشاملة لهم، والوقوف على احتياجاتهم والتحديات التي يواجهونها في حياتهم اليومية. وتحمل هذه المبادرة دلالات عدة، أبرزها أن دولة الإمارات العربية المتحدة ماضية في ترسيخ ريادتها في مجال رعاية المسنين، بما تقدّمه من مبادرات وخدمات مميّزة إلى هذه الفئة بهدف تحسين مستوى حياتهم، والعمل على دمجهم في المجتمع من خلال تقديم الخدمات كافة التي يحتاجون إليها بكل سهولة ويسر، من أجل حفظ كرامتهم ومكانتهم العالية في المجتمع. كما تبرز هذه المبادرة حقيقة كون سعادة المسنين أولوية إماراتية بالغة الأهمية، وجزء لا يتجزأ من حرص قيادتنا الرشيدة على أن يبقى شعب الإمارات من أسعد شعوب المعمورة، إذ تنطلق مبادرة «نوصلكم» بالتزامن مع توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، للوزراء بالعمل الميداني، والحرص على نيل رضا الناس وتسهيل حياتهم، والسعي لتغيير واقع العمل الحكومي بشكل حقيقي، بما يضمن تحقيق سعادة المواطن ورفاهيته. كما تحيي هذه المبادرة في الأذهان حكمة قيادتنا الرشيدة الكامنة وراء تصميمها على تقديم الرعاية الشاملة لفئة المسنين، ليس من باب الواجب الأخلاقي والعرفان بالجميل لدورها الريادي في مسيرة الاتحاد والتنمية وحسب، بل من باب اعتزاز القيادة بأبناء الوطن ووعيها التام بأنهم ثروته الحقيقية أيضاً، فالمسنون بما يمثلونه من مصدر مهم للخبرة، وركيزة أساسية في تقوية الروابط الأسرية والمجتمعية، هم صمّام أمان لترسيخ قيم المجتمع الفاضلة، وخير منهل تنهل منه الأجيال المتلاحقة النصح والحكمة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية