تزايدت التحليلات التي تقرع أجراس الخطر بعد أن أرسلت الصين قاذفات صواريخ أرض-جو في أكبر جزيرة في مجموعة جزر باراسيل. ويُنظر إلى التحرك الصيني باعتباره نقطة محورية في الإصرار على الهيمنة العسكرية على بحر جنوب الصين، لكن يتعين علينا أولاً أن نفهم الحقائق والتاريخ لتحديد المخاوف الحقيقية. فقد أظهرت صور الأقمار الاصطناعية لجزيرة وودي في مجموعة باراسيل في وقت مبكر من فبراير الماضي نشر النظام الدفاعي الجوي إتش. كيو.-9 هناك لأول مرة. وجزيرة وودي تقع في الجزء الشمالي من بحر جنوب الصين. وتبعد الجزيرة 250 ميلاً جنوبي شرق جزيرة هاينان و500 ميل شمالي جزر سبراتلي التي وسعتها الصين بعمليات استصلاح أراضٍ. وعلى خلاف جزر سبراتلي التي يتنازع عليها عدد من الدول فإن جزر باراسيل لا يدعي أحد فيها حقاً إلا الصين وتايوان وفيتنام، وجزيرة وودي نفسها تسيطر عليها بكين منذ عقود وبها عدد كبير من الأبنية المدنية والعسكرية، وفي أي عملية تحكيم غير متحيزة سيكون لدى الصين حجة قوية في ادعاء حقها بهذه الجزيرة. ولطالما كانت جزيرة «وودي» مركزاً لرادارات المراقبة، وبها مطار جوي ومربض للطائرات العسكرية، وفي وقت متأخر العام الماضي نشرت الصين طائرات متقدمة وقد فعلت هذا فيما يبدو مرة أخرى في الأيام القليلة الماضية. وذكر الأدميرال سكوت سويفت قائد الأسطول الأميركي في الهادي أن هذه هي المرة الثالثة على الأقل التي تُنشر فيها صواريخ مضادة للطائرات في جزيرة «وودي» رغم أن عمليات النشر السابقة كانت أنظمة أقل تقدماً، وفي المرات السابقة، كانت عمليات النشر جزءاً من مناورات، وأعلن الرئيس الصيني شي جين بينج العام الماضي أثناء زيارته لواشنطن أن الصين لا تعتزم جعل الجزر التي وسعتها في جزر سبراتلي منطقة عسكرية، ونشر الطائرات والصواريخ في جزيرة «وودي» لا ينتهك هذا التعهد، والتحرك الصيني هذا بحد ذاته لا يؤثر على المصالح الأميركية المهمة في بحر جنوب الصين، ولا يهدد بشكل أكبر حرية الملاحة والطيران الأميركية، ولا يضع جزراً أخرى تحت سيطرة الصين بوسائل غير سلمية، ولا يهدد الشحن البحري الدولي، ولا يحمي جزيرة «وودي» من الولايات المتحدة في حالة وقوع صراع أو أزمة عسكرية. فلماذا كل هذا القلق؟ المخاوف من التحرك الصيني لها أسباب وجيهة وهي التوقيت والسابقة التاريخية. فمن حيث التوقيت، فسواء كان نشر الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة مناورة تم التخطيط لها لفترة طويلة أو بداية وجود دائم، فهو يعصف بالتزام الصين المزعوم بالحلول السلمية للادعاءات المتصارعة في المنطقة، والتحرك يمثل إحدى حلقات سلسلة من التحركات الصينية المتقاربة مكانياً التي تعصف بكلمات بكين الناعمة وتناقضها. والدول ذات النوايا السلمية لا توسع بسرعة شديدة الجزر بإقامة مطارات وموانٍ ومنشآت لوجستية يمكن استخدامها عسكرياً في منطقة من بحر جنوب الصين ثم تنشر صواريخ متقدمة وطائرات في جزء آخر. أما من حيث السابقة التاريخية، فإذا قامت الصين بعمليات نشر مثل هذه في الجزر التي وسعتها بإضافة مطارات في سبراتلي، فإنها سوف تنتهك تعهد «شي»، وتضيف قدرات للتحكم الجوي، مما يعزز المخاطر العسكرية في منطقة بعيدة عن حدود الصين. جيفري هورنانج: باحث في مؤسسة ساساكاوا للسلام. دنيس بلير: القائد السابق للقيادة الأميركية في الهادي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»