كان الاقتصاد العالمي في حاجة لأن تدرك قمة مجموعة «العشرين» نهاية الأسبوع الماضي التي انعقدت في الصين ما يمر به من لحظة فارقة، ولكن بدلاً من ذلك، وعلى رغم زيادة الوعي بالمخاطر المحدقة على النمو والاستقرار العالمي، لم يتمخض الاجتماع سوى عن نسخة منقحة من بيانات السياسات السابقة، ويبدو ذلك بعيداً كل البعد عن التحركات والإجراءات الفردية والجماعية التي يتعين على أعضاء مجموعة «العشرين» اتخاذها إذا كان مقدراً أن يتفادى الاقتصاد العالمي مزيداً من خيبة الأمل الناجمة عن ضعف معدلات النمو، وزعزعة الاستقرار المالي بدرجة أكبر. وخلال الاجتماع في شنغهاي، بدا وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية في أكبر اقتصادات العالم قلقين بدرجة كبيرة بشأن آفاق نمو الاقتصاد العالمي، وهذا أمر مفهوم، وأقروا أيضاً أن خليط السياسات المتبع في كثير من دولهم لا يزال غير متوازن بشكل كبير، ويطيل أمد الاعتماد المفرط على تجارب البنوك المركزية. وقد كان من المأمول، وإن لم يكن متوقعاً، ترجمة هذا الوعي المتزايد بالخطر إلى تحفيز صُناع السياسات، كما كانت الحال في عام 1957 عندما صدم نجاح الاتحاد السوفييتي في إطلاق قمره الصناعي «سبوتنيك» الولايات المتحدة ووحدها بصورة نشطة على طريق الريادة في سباق الفضاء. ورغم ذلك، لم تسفر المخاوف المتزايدة بشأن الأسواق والاقتصاد العالمي عن أكثر من تكرار التزامات السياسات السابقة التي اكتسبت الزخم اللازم بشق الأنفس. وأرى بناء على المعلومات المعلنة، وبدلاً من الاستفادة من كل الأدوات السياسية ـ النقدية والمالية والهيكلية ـ مثلما أوضح بيان القمة، فإن هذه الدول ستواصل إلزام نفسها بالوقائع السياسية، وستبقى متشبثة بالاعتماد بصورة مفرطة على سياسات البنوك المصرفية المنهكة بدرجة كبيرة، رغم أن فاعليتها ضعفت بفعل التهديدات المتزايدة للأضرار الجانبية والنتائج غير المقصودة، وثمة دلائل قليلة من قمة «العشرين» تشي باتخاذ إجراءات تؤدي إلى تحسينات كبيرة على سياسات الدول ذات الأهمية الكبرى للاقتصاد العالمي. وفي ضوء المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالم، تراجعت نبرة دعوة قمة مجموعة «العشرين» إلى تحمل المسؤولية والتحرك بصورة جماعية. وفي ظل ضعف الإحساس بإلحاح ظروف الأزمة، لم يقترب المسؤولون قيد أنملة مما حققوه في أبريل عام 2009 في لندن، عندما نسقوا بطريقة مذهلة نهجاً سياسياً ساعد على تفادي ركود عالمي كان من الممكن أن يستمر لأعوام. ومع وجود قليل من الأمل في حدوث تغييرات كبرى في السياسات، سيواصل نمو الاقتصاد العالمي تعثره، وستواصل ثلاثية عدم المساواة الوطنية، المتمثلة في الدخل والثروة والفرص، تدهورها، بينما يزداد التذبذب المالي. وهذه الظروف ستمهد الطريق أمام سياق مقلق بدرجة أكبر أمام المسؤولين في الدولة عندما يلتقون مرة أخرى في أبريل المقبل بواشنطن من أجل اجتماعات الربيع الخاصة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وإذا أخفق المسؤولون الماليون في انتهاز تلك الفرصة التالية لإدراك اللحظة الفارقة، فإن العالم سيخطو خطوة أخرى على طريق يمكن أن يفضي فيه ضعف النمو إلى ركود اقتصادي ونوبات تذبذب مالي. ومن الممكن أن يتطور ذلك إلى مزيد من زعزعة الاستقرار المالي المدمرة، وتدهور ظروف غياب المساواة التي تغذي مزيداً من الخلل السياسي وتقوض مستقبل أجيال إلى جانب مستقبلنا. محمد العريان رئيس مجلس التنمية العالمي التابع للرئيس أوباما، والمدير التنفيذي السابق في شركة «بيمكو» يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»