بينما بات واضحاً أن دونالد ترامب هو الأوفر حظاً للظفر بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، انخرط بعض المراقبين في التخمين بشأن ما قد يعنيه ذلك بالنسبة للحزب الجمهوري عموماً، لاسيما في وقت يحاول فيه الحزب الحفاظ على أغلبيته في مجلس الشيوخ وتعزيز أغلبيته في مجلس النواب في انتخابات 2016. وإذا كانت سياسة ترامب المتشددة بخصوص الهجرة قد أثارت معظم الجدل الدائر حالياً داخل مؤسسة الحزب، فإن الخطر الحقيقي بالنسبة لأمثال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، ورئيس مجلس الشيوخ بول ريان، لا يكمن في ذلك الموضوع فحسب، وإنما في استعداد ترامب لقول أشياء تُحدث الصدمة، ثم التشبث بها على نحو يصعب تفسيره. في صباح الأحد الماضي، أرسل ترامب تغريدة على تويتر هي مقولة لموسوليني: «أن تعيش يوماً واحداً كأسد أفضل من أن تعيش مئة عام كخروف». وحين سأله مقدم برنامج «واجه الصحافة» على قناة «إن بي سي»، حول ذلك، كان جوابه: «إنها مقولة جيدة، وأنا أعرفها، وأعرف من قالها. لكن ما الفرق بين أن تصدر عن موسوليني أو عن شخص آخر؟». ثم ظهر ترامب في برنامج «حالة الاتحاد» على قناة «سي إن إن»، يوم الأحد أيضاً، وسأله مقدم البرنامج حول حقيقة أن بعض المنظمات العنصرية القائلة بتفوق البيض، تحدثت عن ترشحه بإيجابية، فجاء جوابه مراوغاً وفضفاضاً، ولما أصر المقدم على السؤال، لم يشأ ترامب تقديم إجابة واضحة، بل ترك الباب موارباً واكتفى بالقول: لا أعلم شيئاً عن هذه المنظمات وعلي البحث حولها قبل أن أجيب. إن كل ذلك لن يؤثر على ترامب سلبياً خلال المحطات المقبلة من الانتخابات التمهيدية، فبالنسبة لمؤيديه، فإن استعداده للضرب بالأعراف السياسية عرض الحائط هو ما يجذبهم إليه، إذ يقولون: إنه جريء ومستفز! إنه أسلوب ناجح بالنسبة لترامب، حيث استطاع خلال ثمانية أشهر فقط أن يتحول من شخصية كوميدية إلى المرشح الرئاسي الجمهوري المفترض، لكن المشكلة بالنسبة لأي شخص لا يدعى ترامب -مثل أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الثمانية المقبلين على إعادة الانتخابات في ولايات متأرجحة- تكمن في أن استحالة التنبؤ به وحبه لإثارة الجدل تجعلان من شبه المستحيل التعامل معه في تلك السباقات. ولو أن آراء ترامب المثيرة للجدل اقتصرت على موقفه من الهجرة، لكان من السهل نسبياً التعاطي معها من قبل الجمهوريين الآخرين. إذا لم تكن لديك فكرة عما سيكتبه ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي أو ما سيقوله على المنصة أمام آلاف الأشخاص وعشرات كاميرات القنوات التلفزيونية، فذلك يطرح إشكالية كبرى بالنسبة لأي جمهوري يحاول تحديد طريقة للتعامل معه في حملته الانتخابية الخاصة به. لهذا يمثل ترامب خطراً كبيراً بالنسبة للحزب الجمهوري عموماً إذا ما اختير مرشحاً للحزب في الانتخابات المقبلة، والسبب لا يعزى إلى آرائه المثيرة للجدل فحسب، بقدر ما يعزى إلى أنه شخص لا يمكن التنبؤ بأقواله وأفعاله، إنه شخص غير منضبط، وهو كابوس حقيقي بالنسبة لأي جمهوري ينتظره سباق صعب من أجل إعادة الانتخاب الخريف المقبل. كريس سيليزا محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»