في عددها رقم 198، والمعنون بـ«صناعة النفط والغاز في العراق: الاتجاهات الحالية والمستقبلية للفترة من 2000 إلى 2020»، نشرت سلسلة «دراسات استراتيجية» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، دراسة للباحثين العراقيين: نبيل جعفر رضا وأمجد صباح عبدالعالي، استنتجا خلالها أن الأوضاع السياسية غير المستقرة التي مر بها العراق طوال العقود الثلاثة الماضية أثرت بدرجة كبيرة في صناعة الغاز الطبيعي حيث تضررت البنى التحتية ومنشآت الغاز الطبيعي التي تم تدشينها بتكاليف مرتفعة جداً في سبعينيات القرن الماضي، لدرجة أن هذه المنشآت توقفت عن العمل سنوات طويلة، وأيضاً إلى حرق الغاز الطبيعي بكميات كبيرة مع فقدان القدرة على تصدير الغاز. وتخلفت صناعة الغاز الطبيعي في العراق، وتفاقمت المشكلة بعد عام 2003 حيث ظهرت عوائق جديدة وقفت حائلاً أمام تطوير هذا لقطاع. منذ عام 1934 كان الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط يتم حرقه هدراً، وفي أواخر الستينيات تم استثمار جزء من الغاز المصاحب لاستخراج النفط في حقول كركوك، وذلك بغرض استخدامه في الاستهلاك المنزلي والصناعي، وبعدها تم تأسيس شركتين لاستثمار الغاز الطبيعي، هما شركة «الشمال» وشركة «الجنوب». وشرعت وزارة النفط العراقية في تسويق الغاز للمصانع ومحطات توليد الكهرباء لكن توقفت خطط الوزارة في هذا الشأن بعد اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية، أي خلال الفترة من سبتمبر 1980 إلى أغسطس 1988. وبعد نهاية الحرب انصب تركيز العراقيين على إعادة تشغيل شركتي «الشمال» و«الجنوب». وبعد الغزو العراقي للكويت وما تلاه من حصار اقتصادي استمر لمدة 13 عاماً، دخلت صناعة النفط والغاز مرحلة جديدة من المعاناة بعدما طالها التخريب والتدمير، ومن ثم تخلفت تقنياً. ويبلغ احتياطي العراق من الغاز الطبيعي المؤكد 3.1 تريليون متر مكعب وفق بيانات 2010. ولدى العراق احتياطيات غير مكتشفة أو بالأحرى محتملة، تُقدر بـ9.3 تريليون متر مكعب، وعرضت الدراسات لبيانات مصدرها منظمة «أوبك» وتتضمن رصداً رقمياً لتطور الإنتاج العراقي من الغاز الطبيعي، حيث وصل في عام 2000 إلى 4.3 تريليون متر مكعب، ونما في عام 2012 إلى 20.4 تريليون متر مكعب. اللافت أن العراق يهدر ما نسبته 58.3 في المئة من حجم إنتاج الغاز الطبيعي، ليحتل بهذه المشكلة المرتبة الثانية في العالم بعد نيجيرياً لجهة ما يتم هدره من غاز. وشرحت الدراسة بعضاً من عوائق إنتاج وتسويق الغاز الطبيعي في العراق منها: عدم الاستقرار الأمني، وتخلف تكنولوجيا عزل النفط عن الغاز والاعتماد على تقنيات عتيقة في «ضغط الغاز» أو ما يعرف (محطات كابسات الغاز)، وضعف الإمكانيات الفنية والإدارية في شركات الغاز، ووجود عوائق فنية في خطوط أنابيب نقل الغاز الطبيعي، ناهيك عن الفساد وغياب المساءلة والشفافية في العقود والمناقصات. وعن مستقبل إنتاج الغاز الطبيعي في العراق، تتوقع الدراسة أن يصل الإنتاج إلى 40.7 مليار متر مكعب بحلول عام 2020. المفارقة العجيبة التي تشير إليها الدراسة تتمثل في قيام وزارة الكهرباء العراقية يوم 23 يونيو 2013 بتوقيع عقد لاستيراد الغاز من إيران بكمية 25 مليون متر مكعب في اليوم وبعقد قيمته 3.7 مليون دولار سنوياً، والهدف هو تجهيز محطات الطاقة الكهربائية لإنتاج 5000 ميجاوات. وهذه الصفقة تعكس تخلف تقنيات صناعة الغاز الطبيعي في العراق وعجزها عن تلبية الاحتياجات العراقية في مجال الطاقة، وإذا تم تطوير هذا لقطاع الحيوي، فإنه يمكن تصدير الغاز العراقي إلى الكويت عن طريق إعادة تأهيل الخط القديم لتصدير الغاز إليها، ويمكن تصدير الغاز العراقي إلى السعودية والإمارات عن طريق الربط في إطار مشروع «دولفين» الخليجي. طه حسيب الكتاب: صناعة النفط والغاز في العراق المؤلفان: نبيل جعفر رضا وأمجد صباح عبدالعالي- سلسلة دراسات استراتيجية العدد 198 تاريخ النشر: 2015 دار النشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية