وجد استطلاع للرأي أنجزته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية أن الآفاق الاقتصادية لمنطقة جنوب شرق آسيا أخذت تنحو نحو القتامة، إذ من المتوقع أن ترتفع البطالة وتزداد المخاوف بشأن الأمن الوظيفي، وخاصة بين الماليزيين الذين يُعتبرون الأكثر تضرراً من غيرهم. والاستطلاع، الذي ركز على فئة الباحثين عن عمل، كشف عن ارتفاع متوقع في معدلات البطالة في «آسيان» بعد تراجع كبير في الوظائف العام الماضي بسبب تغير حال الاقتصاد. وقد شمل الاستطلاع 5 آلاف شخص -ألف شخص في كل من إندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلند وفيتنام، التي تُعتبر أكبر الاقتصادات في تكتل «آسيان» من حيث السكان والقوة المالية. كما وجد أن أكثر من نصف المستجوَبين «يرون أنه بات من الصعب أو من الصعب جداً الحصول على وظيفة جديدة». واللافت أن نحو ثلثي الأشخاص الذين استُجوبوا في ماليزيا، التي شهد فيها قطاع النفط والغاز وصناعة الطائرات أكبر انخفاض في عدد الوظائف، اختاروا وصف سوق العمل بـ«الصعب». وعلى رغم هذا الأمر والتقلص الكبير في الإقراض، فإن رئيس الوزراء نجيب عبدالرزاق شدد على أن أداء ماليزيا الاقتصادي ما زال «جيداً جداً». والواقع أن نجيب، وعلى غرار معظم زعماء المنطقة، يميل إلى إلقاء اللوم على الصين وتحميلها مسؤولية المشاكل الاقتصادية الداخلية، بدلاً من التركيز على السياسات المالية والنقدية لحكومته التي تؤثر في مستقبل بلاده الاقتصادي. غير أن الاقتصاد الصيني بدأ بالفعل الانحدار في أغسطس، مع انخفاض قيمة العملة الوطنية بنقطتين مئويتين، الأمر الذي فاجأ العالم، ولكن على غرار رفع معدل الفائدة، فإن هذا القرار، إلى جانب كل التعديلات التي أُدخلت على السياستين المالية والنقدية منذ ذلك الوقت لم يتضح بعد بشكل كامل تأثيره في الاقتصادين الإقليمي والعالمي. وقد اضطرت بلدان أخرى إلى أن تحذو حذو الصين وتخفّض قيمة عملتها، ثم تلى ذلك تهاوٍ في أسعار السلع في وقت بدأت فيه سوق الأسهم الصينية انحداراً خرج عن السيطرة، وسرعان ما أضحى عالمياً وامتد من شركات المناجم والسلع إلى البنوك والمؤسسات المالية. لقد أمضت حكومات آسيا عقوداً في تركيز اعتمادها على الاقتصاد الصيني، حيث تشكّلت علاقة استراتيجية تأثّرت بعاملي الجغرافيا والصادرات إلى الصين التي حققت معدل نمو من رقمين خلال العقدين الأخيرين، بيد أن هذا النمو انتهى الآن، والآفاق بالنسبة لجنوب شرق آسيا باتت تبعث على القلق، والأكيد أن استطلاع الرأي الأخير لا يعطي سوى لمحة فقط عما قد ينتظر المنطقة. لوك هانت كاتب صحفي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»