انتخابات «آيوا» التمهيدية أظهرت أن من ينفقون مبالغ أكبر من اللازم على حملاتهم الانتخابية، لا يحصلون على النتائج التي يتوخونها. هناك بعض الأدلة على أن الجانب المالي، من الحملة الرئاسية الحالية ليس «مزوراً»، كما يذهب إلى ذلك المرشحون وعلى وجه الخصوص سيناتور فيرمونت «بيرني ساندرز»، الذي تفوق على هيلاري كلينتون في جمع التبرعات لحملته حسب إحصاءات شهر يناير. فحملة ساندرز تباهت مؤخراً بأنها تمكنت من جمع 20 مليون دولار في شهر مايو من خلال 770 ألف تبرع. أما حملة هيلاري فجمعت 15 مليون دولار فقط، وهو ما يجعل من الصعب عليها كما اشتكى مدير حملتها «روبي مووك» المنافسة في ولاية نيوهمبشاير حيث يتفوق عليها منافسها في الإنفاق على الدعاية، عبر موجات الأثير. و«ساندرز» ليس هو المرشح الوحيد الذي يقوض النظرية المتبناة على نطاق واسع، والتي تقول: إن انتخابات الولايات المتحدة هي انتخابات فاسدة في طبيعتها، وتحديداً منذ قرار «المواطنون المتحدون» الذي أصدرته المحكمة العليا عام 2010، والذي ينص على أن الإعلان في صالح، أو ضد المرشحين بواسطة جماعات خارجية يجب أن يُحمى، كما تُحمى حرية التعبير. في الجانب «الجمهوري»، يعتبر سيناتور فلوريدا، «ماركو روبيو» هو مرشح المؤسسة الأكثر وعداً. ولكن «روبيو» في سباق التمويل، يأتي بعد «تيد كروز» المتمرد على المؤسسة، في حين أن الملياردير «دونالد ترامب» لم يجمّع الكثير من الأموال، ويعتمد على ثروته الخاصة في الإنفاق على حملته. والنظرية القائلة بأن نخبة الحزب هي التي تختارالمرشح الذي سيخوض انتخابات الرئاسة في نهاية المطاف، تعرضت لاختبار قاس هذا العام أثبت أنه ليس من الضروري كي يكون المرشح فعالاً في عام 2016، أن يكون لديه من الأموال أكثر مما لدى منافسيه. ومن هنا فإن الشكاوى التي عبر عنها مدير حملة كلينتون من أنها لا تحصل على التمويل الكافي، قد تكون مضللة لحد ما، لأن هيلاري بخلاف ساندرز تستطيع الاعتماد على الأموال الخارجية لتغطية نفقات الإعلانات المبثوثة عبر الأثير، علاوة على أنها مدعومة من قبل مليارديرات مثل جورج سوروس، ووارين بافيت، وبالتالي فهي ليست في حاجة إلى أموال من صغار المتبرعين كي تتفوق في الإنفاق على «ساندرز» إذ أرادت. هناك على ما يبدو حد أدنى معين من الأموال التي يحتاج إليها المرشح كي يستطيع أو تستطيع أن تدير حملة فعالة. وقد تبين أن هذا المبلغ كان يدور حول 25 مليون دولار في الثلاثة شهور الأخيرة من عام 2015. وأظهرت الانتخابات التمهيدية التي جرت في ولاية «آيوا» أن هؤلاء الذين ينفقون مبالغ أكبر من اللازم على حملاتهم الانتخابية، لا يحصلون عادة على النتائج التي يتوخونها. وقد جعل «كروز» ولاية «آيوا» تعيش أياماً عصيبة بالأموال التي حصل عليها حيث طرق عشرات الألاف من الأبواب كل يوم، وملأ صناديق البريد برسائل ذات محتوى مثير للجدل، كما زحم موجات البث بإعلانات تهاجم خصميه الرئيسيين «ترامب» و«روبيو». لدرجة أنه لم يكن بإمكان أحد أن يذهب إلى أي مكان في «آيوا» من دون أن يسمع شيئاً عن «كروز» أو يرى علامة ما على نشاط حملته. ولكن السؤال هنا هو: لو كان لديه المزيد من الأموال، هل كان سيغدو قادراً على القيام بأكثر مما قام به؟ الإجابة بالنفي، لأن سكان «آيوا» لم يكن ليتسنى لهم ملاحظة، ذلك لأنهم كانوا قد تشبعوا تماماً بكروز، بحلول الوقت الذي انتهت فيه إجراءات المؤتمر الانتخابي للحزب الجمهوري «الكوكس». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»