تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على المشاركة في أي جهود إقليمية ودولية تستهدف مواجهة التطرف والإرهاب، انطلاقاً من قناعتها بضرورة التعاون الدولي في مواجهة هذا الخطر، الذي بات يمثل تهديداً للأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولا تستطيع أي دولة بمفردها مهما كانت قدراتها وإمكانياتها التصدي له. وقد عبر عن ذلك بوضوح معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، لدى ترؤسه وفد الإمارات المشارك في اجتماع اللجنة الوزارية المصغرة للتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الذي استضافته العاصمة الإيطالية روما مؤخراً، حيث أكد في أثناء مشاركته في الاجتماع التزام الإمارات بدعم التحالف وبمحاربة التطرف والإرهاب، وحذر في الوقت ذاته من أنه بالرغم من بعض النجاحات التي حققتها العمليات ضد تنظيم «داعش»، فإن الوضع العام ما زال معقداً وينذر بالمخاطر، وشدد على أن السبيل الوحيد لتهيئة الأرضية أمام سلام ونمو دائم في المنطقة يتمثل في الاعتدال والتلاحم والتسامح. لقد عبرت المداخلة التي قدمها معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش أمام اجتماع اللجنة الوزارية المصغرة للتحالف الدولي، عن الرؤية الشاملة والمتوازنة لدولة الإمارات العربية المتحدة لمواجهة خطر التطرف والإرهاب، وهي الرؤية التي تدرك أولاً: أن التطرف والإرهاب هما أخطر ما يهدد المنطقة والعالم، كونهما يستهدفان الأمن والسلم الإقليمي والعالمي، ويعرقلان الجهود التي تستهدف تحقيق التنمية العالمية. ثانياً: تحذر من أن مخططات القوى المتطرفة والإرهابية والمتعصبة لا تقف عند حدود دولة بعينها، وإنما تشمل المنطقة والعالم من دون استثناء. ثالثاً: تتعامل مع مختلف الجوانب ذات الصلة بالتطرف والإرهاب، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية إضافة إلى الدينية والفكرية. وترجمة لهذه الرؤية، تتقدم دولة الإمارات العربية المتحدة دوماً الصفوف في التصدي لخطر التطرف والإرهاب، فهي من ناحية أولى تشارك بفاعلية ضمن التحالف الدولي الذي يستهدف التصدي لخطر تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، ومن ناحية ثانية تقوم بدور رائد في تعزيز قيم الوسطية والاعتدال والتعايش والتسامح، باعتبارها حائط الصدّ الرئيسي في مواجهة هذه الجماعات المتطرفة، عبر العديد من المبادرات التي لاقت الإشادة والتقدير من جانب دول العالم أجمع، ولعل من أبرزها، «مجلس حكماء المسلمين» الذي تم إطلاقه من أبوظبي في يوليو 2014، وهو أول هيئة دولية مستقلة تهدف إلى تعزيز السلم في العالم الإسلامي، ومواجهة أصحاب الأيديولوجيات المتطرفة، فضلاً عن المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف «هداية»، الذي تم افتتاحه في ديسمبر 2012، وهو المركز الذي يهدف إلى إيجاد أرضية مشتركة للحوار وتبادل الرأي وتنسيق الجهود مع المؤسسات المحلية والمنظمات الإقليمية والدولية من أجل بناء القدرات وتقديم برامج لمكافحة التطرف العنيف. ومركز «صواب»، الذي تم إطلاقه بالتعاون مع الولايات المتحدة عام 2015، بهدف التصدي لدعاية تنظيم «داعش» وغيره من الجماعات المتطرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومن ناحية ثالثة، تخصص دولة الإمارات العربية المتحدة جزءاً من مساعداتها الإنسانية والإنمائية للمساهمة في تنمية المناطق التي تشهد أزمات تنموية، أو تلك التي تكون عرضة للصراعات والنزاعات، من أجل تفويت الفرصة على جماعات وقوى التطرف التي تسعى إلى استغلال الأوضاع الصعبة في هذه المناطق للانتشار والتمدد، ولهذا كله تحظى جهود الإمارات في مواجهة التطرف والإرهاب بالتقدير الدولي، بل إن العديد من دول العالم تسعى إلى استلهام تجربتها في مواجهة التطرف وتعزيز ثقافة التعايش والتسامح. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية