من خلف الكواليس، تبني حملة هيلاري كلينتون الرئاسية، سياسة خارجية، وبنية استشارية للأمن القومي، لمساعدتها على الفوز بمنصب الرئاسة. وفي الوقت الراهن، يتنافس أفراد المجموعة التي تقود الحملة، على المناصب التي سيتولونها في إدارتها. ويقوم «فريق هيلاري» حالياً بتكوين فرق استشارية رسمية، ومجموعات عمل مقسمة، حسب الموضوعات والمناطق، بشكل مماثل تقريباً لبنية مجلس الأمن القومي الأميركي، كما قال لي عدد من المشاركين في المشروع. وهذا الأمر ليس بالشيء غير المعتاد بالنسبة لأي حملة، ولكن الشيء الفريد هنا هو العدد الكبير من الاستشاريين، والتنوع الواضح في الآراء. والمجموعة مسؤولة أمام المستشار الرئيسي للسياسة الخارجية في الحملة «جاك سوليفان»، الذي كان نائباً لمدير مكتب هيلاري كلينتون، ومديراً للسياسات، عندما كانت هي تشغل منصب وزيرة الخارجية. أما الأمور اليومية للفريق فتدار من قبل «لورا روزنبرج» نائبة سوليفان، التي كانت تعمل هي أيضاً في وزارة الخارجية، تحت قيادة كلينتون، كما عملت كذلك ضمن هيئة مجلس الأمن القومي للرئيس أوباما، وبالإضافة لمجموعات العمل، يعتمد «سوليفان» على مجموعة مستقلة نوعاً ما تتكون من كبار المسؤولين السابقين، الذين كان لهم تفاعل متكرر، مع قيادة حملة كلينتون، ومعها هي شخصياً. وقد أخبرتني مصادر قريبة من الحملة أن كلينتون وسوليفان ورئيس الحملة «جون بودريستا» يتواصلون بشكل منتظم مع مستشار الأمن القومي الأميركي السابق «توم دونيلون»، ووزير الدفاع السابق «ليون بانيتا»، ووزيرة الخارجية السابقة «مادلين أولبرايت»، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين سابقين شغلوا مناصب مهمة في الإدارة. وفي الأسبوع الماضي، استُدعى فريق الظل للسياسة الخارجية التابع لكلينتون للعمل، وذلك عندما قررت الحملة انتقاد السيناتور «بيرني ساندرز» لإدلائه بما اعتبروه تعليقات ساذجة، وجاهلة بشأن الصراع ضد «داعش» عندما دعا الولايات المتحدة «للتحرك بقدر ما تملك من قوة لتطبيع العلاقات مع إيران». وقد شارك 10 من المسؤولين السابقين في كتابة رسالة مفتوحة بشأن هذا الموضوع وكان ضمن ما جاء فيها أن: «الرهانات مرتفعة... ونحن نشعر بالقلق لأن السيناتور ساندرز لم يفكر جيداً في هذه الموضوعات ذات الأهمية القصوى، التي يمكن أن تترتب عليها تداعيات عميقة الأثر على أمننا». ولم تكتف الحملة بإصدار الرسالة، وإنما ألحقتها أيضاً بتصريحات وبيانات عامة من قبل كلينتون، ومكالمة من خلال نظام «الكونفرانس» مع الصحفيين، وصف فيه «سوليفان» آراء «ساندرز» بشأن إيران بأنها «خارج المجرى الرئيس لتفكير الحزب الديمقراطي في مجال الأمن القومي». وقال سوليفان أيضاً: «علاقات طبيعية مع إيران الآن؟... الرئيس باراك أوباما لا يؤيد هذه الفكرة، كما أن الوزيرة السابقة هيلاري كلينتون لا تدعمها، وليس من الواضح لنا على الإطلاق ما هو السبب الذي دعا السيناتور ساندرز لاقتراحها في الوقت الراهن»؟! إن هذا النوع من الحشد السريع لخبراء خارجيين، يعد مثالًا بارزاً على ما ينوي مجلس ظل الأمن القومي التابع لكلينتون إنجازه. وفي معظم الحملات، يصطف المستشارون مع مرشحهم المفضل لإظهار مدى ولائهم، وللمساهمة بجهدهم، على أمل الحصول على وظائف مرموقة إذا ما نجح رهانهم على ذلك المرشح. حدث ذلك مع مستشاري حملة أوباما، ومن المتوقع أن يحدث أيضاً مع حملة كلينتون، وإن كان أوباما قد استعان بشخصيات، من خارج مستشاريه وأفراد حملته لتشكيل إدارته، وهو الشيء المنتظر من قبل كلينتون أيضاً. في انتخابات 2008 التي تنافس فيها أوباما مع كلينتون على الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، تنافس الاثنان على اجتذاب أسماء شهيرة كمستشارين لأن أوباما كان يريد شخصيات شهيرة لإثبات صحة حكمة وآرائه السياسية. ولكن كلينتون باعتبارها أول وزيرة خارجية سابقة تخوص سباق الرئاسة منذ «جيمس كيه بولك» لا تحتاج إلى شيء مثل هذا، لأن لديها بالفعل آراء جاهزة، ومصوغة بشكل جيد، بشأن كل موضوع تقريباً من موضوعات السياسة الخارجية. يشار إلى أن الخبراء الجمهوريين قد واجهوا صعوبات في اختيار من يدعمون في السباق الرئاسي. فشخصية مثل «روبرت زوليك» كان يعمل مع «كريس كريستي» حاكم نيوجيرسي، ولكنه تخلى عنه بشكل غير لائق للالتحاق بحملة جيب بوش. كما أن عدداً من الشخصيات الكبيرة اشتركوا في حملة «سكوت ووكر» حاكم ولاية ويسكونسين، ولكنهم أجبروا بعد ذلك على تغيير ولاءاتهم، والجلوس على الخطوط الجانبية، عندما علق حملته. أما بالنسبة للديمقراطيين في مجتمع الأمن القومي، فالاختيار واضح: فحملة كلينتون تكلف المستشارين والخبراء بذكاء بالعمل، ولكنها لا تقدم لهم وعوداً بشأن الوظائف التي سيشغلونها في المستقبل. جوش روجين: كاتب عمود في «بلومبيرج فيو» متخصص في شؤون الأمن القومي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»