هل جاءت ظاهرة تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي لكي تبقى؟ لقد أجاب الخبير المالي «بين ليوبسدورف» عن هذا السؤال في مقال نشره في صحيفة «وول ستريت جورنال» قائلاً: «بالفعل، هذا ما سوف يحدث». وجاء في مقاله: «يتفق معظم صانعي السياسات في الخزينة الفيدرالية، ومعهم المتنبئون الخواص، على الرأي القائل بأن مجرّد تغيّر طفيف سوف يحدث عام 2016 وما بعده حيث سينمو الاقتصاد الأميركي بوتيرة أسرع بقليل من 2%. ولقد سجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً في ظل معدل تضخم مُسيطر عليه بلغت نسبته 2.2% منذ نهاية فترة الركود التي حلّت أواسط عام 2009، وهو أقل بكثير من معدل 3.6% الذي تحقق خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وفقاً لبيانات وزارة التجارة». إنها الحقيقة، ذلك لأن لتباطؤ النمو في الولايات المتحدة، تأثيراً سلبياً أضعف بكثير مما تشير إليه هذه الأرقام، لأنها لا تأخذ عدد السكان بالحسبان. وحالما نضعه في الاعتبار، فسوف نجد أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بمعدل سنوي بلغ 2.2% بين عامي 1947 و2000، وبمعدل 1.4% منذ نهاية فترة الركود. وهذا يعني أن معدل تباطؤ النمو السكاني هو المتسبب بنحو نصف معدل التباطؤ في النمو الاقتصادي. ويكون من الضروري الانتباه إلى أن تباطؤ معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 0.8 نقطة مئوية، لا يجوز اعتباره قضية تافهة. وعندما ينمو الاقتصاد برمته بمعدل 2.2?، فسوف يتضاعف حجمه خلال 33 سنة، أما إذا كان ينمو بمعدل 1.4? فسوف يتضاعف خلال 51 عاماً. ونعرض فيما يلي للتوقعات المتعلقة بنمو معدل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي منذ الآن وحتى عام 2050. ولو افترضنا أن المعدل الذي نمت به الولايات المتحدة أواخر القرن العشرين بقي على حاله، فإنها كانت ستصبح عام 2050 أكثر غنى بمعدل الثلث مقارنة بمعدل نموها الراهن. وهذا فرق كبير يستحق التوقف عنده. ومن أجل رفع معدل نصيب الفرد من النمو، يمكن لصنّاع السياسات الاعتماد على عدة عوامل، منها مثلاً، أن بوسعهم اتخاذ قرار يضمن الاحتفاظ بالمهاجرين ذوي الكفاءات والخبرات العالية الذين يميلون لكسب الأموال بأكثر من متوسط ما يكسبه المواطن الأميركي، ليرفعوا بذلك معدل الطلب على السلع والخدمات التي تنتجها البقية الباقية من القوى العاملة. ويمكن للحكومة أن تستثمر أكثر في قطاعات البحث والتطوير، بحيث تؤدي هذه السياسة إلى ابتكار تكنولوجيات جديدة من النوع الذي يضمن زيادة العوائد. ويمكن للحكومة أن تعمل أيضاً على تشييد المزيد من البنى التحتية، وخاصة بعد أن دخلت البنى التحتية الأميركية مرحلة الشيخوخة وباتت تحتاج للكثير من عمليات الصيانة والإصلاح المكلفة. وفي وسع صنّاع القرار أيضاً إعادة النظر في القوانين التنظيمية للقطاع الخاص وخاصة فيما يتعلق بتشريعات النظام الضريبي. وسوف يؤدي العمل بهذه السياسات إلى تنشيط القطاع الاقتصادي ليحقق زيادة في معدل النمو. ----------------- *أستاذ العلوم المالية في جامعة «ستوني بروك»- نيويورك -------------------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»