كان الرئيس الأميركي الأسبق جون كوينسي أدامز يحب السباحة، وكان يمارسها صباح كل يوم وهو عارٍ تماماً، كان يخرج في الساعة الخامسة صباحاً من البيت الأبيض إلى نهر «بوتوماك» المجاور، وكان يخلع ملابسه أمام ضفة النهر ويغطس في المياه. عرفت هذا السرّ صحفية أميركية ناشئة تدعى «آن رويال»، وذات يوم تمكنت من التسلل إلى الموقع الذي كان الرئيس الأميركي يمارس فيه هوايته الرياضية الصباحية، رأت ملابسه مكومة أمام ضفة النهر وهو يسبح على بعد أمتار منها، فسارعت إلى موقعه واتخذت من ملابس الرئيس العاري مقعداً لها، فوجئ الرئيس بالزائرة غير المنتظرة، وفوجئ أكثر عندما عرّفته عن نفسها بأنها صحفية.. وبأنها تريد أن تجري معه مقابلة خاصة، في بادئ الأمر رفض الرئيس وهدد الصحفية بأشد العقوبات إذا لم تعد إليه ملابسه وتبتعد عن الشاطئ، ولكنها أصرّت على طلبها وأبلغته أنها لن ترد إليه ملابسه إلا بعد إجراء المقابلة، فاضطر الرئيس للخضوع للأمر الواقع. وهكذا جرت المقابلة الصحفية: الصحفية جالسة فوق كومة ملابس الرئيس على ضفة النهر، وهو عارٍ لا يبدو منه فوق الماء سوى رأسه وصدره، طال الاستجواب، اعترض الرئيس على كثرة الأسئلة وعلى تنوعها، ولكن الصحفية أصرت على مواصلة طرح الأسئلة حتى نفد كل ما لديها، عند ذلك فقط ابتعدت قليلاً عن الشاطئ وأدارت ظهرها للرئيس حتى يخرج من الماء ويلبس ملابسه، ثم صافحته شاكرة «حسن تجاوبه»! كانت تلك المقابلة الأولى في التاريخ مع رئيس أميركي عارٍ، وكانت المقابلة التي جعلت «آن رويال» تتصدر المركز الأول في سلم الصحافة الأميركية في ذلك الوقت، ولعل تلك الحادثة كانت البداية لاعتماد أسلوب جديد في تنظيم علاقات البيت الأبيض مع الصحافة الأميركية، فقد اعتمد ناطق صحفي باسم الرئيس، واعتمد نظام عقد المؤتمرات الصحفية الدورية التي ينظمها الرئيس للصحافة المحلية وللمراسلين الأجانب، إلا أن ذلك لم يضع حداً لمشاكل العلاقات بين الرئيس والصحافة، فالرئيس الأسبق ليندون جونسون مثلاً هو صاحب القول الشهير: «لو أنني مشيت فوق مياه نهر بوتوماك، كما فعل السيد المسيح، لنشرت الصحف النبأ في اليوم التالي مع تعليق تقول فيه إن الرئيس لا يجيد السباحة!». خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 1828 بين أندرو جاكسون وجون أدامز، انقسمت الصحافة إلى قسمين. القسم المؤيد لجاكسون اتهم أدامز بأنه «تاجر رقيق».. وأن تجارته تتركز على العذارى منهن تحديداً.. أما القسم المعاكس فقد اتهم جاكسون بأنه «بطل 18 جريمة قتل اقترفها بيديه». ومن أغرب العلاقات الرئاسية مع الصحافة علاقة الرئيس الأسبق رونالد ريغان، فقد كان يؤمن بالتنجيم. وكانت عرّافته المفضلة (ولعلها كانت عرافته الوحيدة) هي «جين كوينلي» التي توفيت عن 87 عاماً في عام 2014. وتجمع الصحافة الأميركية – ونادراً ما تجمع على أمر - على أنه بين عامي 1981 و1988 لم يتخذ الرئيس الأميركي أي قرار من دون مراجعتها ومشاورتها. وكانت هي التي تحدد للرئيس (عبر زوجته نانسي) متى يعقد مؤتمراته الصحفية، ومتى يحدد أوقات مشاوراته الداخلية أو مباحثاته الخارجية.. ومتى ينتقل في الطائرة الرئاسية «إير فورس وان»، وكانت تقدم له خريطة ملونة لبرنامجه الأسبوعي: اللون الأخضر يعني حظاً جيداً ومفيداً، واللون الأحمر يعني سيئاً وخطيراً، واللون الأصفر يعني الحذر والتنبه. والتزاماً بنصائح العرافة «كوينلي» كان على ريغان ألا يقوم بأي نشاط خارج البيت الأبيض بين العاشر والرابع عشر من مارس من كل سنة. وكان عليه أن يكون حذراً جداً في الثالث من أبريل، كانت الصحافة الأميركية تعرف كل هذه الوقائع.. وكانت في الوقت ذاته تعتبر ريغان الرئيس الذي استعاد كرامة الولايات المتحدة بنجاحه في إسقاط الاتحاد السوفييتي السابق واستقطاب الرئيس ميخائيل غورباتشوف، وحتى المباحثات التي أجراها ريغان مع غورباتشوف في جنيف بسويسرا في عام 1985 وفي ريجافيك بأيسلندا في عام 1986، جرى تمديدها ليس بسبب صعوبة القضايا المطروحة، ولكن استجابة للعرافة «كوينلي» التي كانت تربط نجاح المباحثات بتوقيت انتهائها وفقاً لقراءاتها لحركة النجوم. وكان الصحفيون المرافقون للرئيس ريغان يعرفون هذه الحقائق ولكن لم يكن ذلك يثير استغرابهم.. أو على الأقل لم تكشف رسائلهم الصحفية عن وقائع المباحثات شيئاً من الاستغراب! وينص الدستور الأميركي على فصل الدين عن الدولة، ولكن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، كان يطلب من جميع موظفي البيت الأبيض قبل الدخول إلى مكاتبهم، مشاركته الصلاة في الكنيسة الصغيرة داخل البيت الأبيض، ولم تقل الصحافة يوماً إن ذلك يناقض النص الدستوري! ولما انتخب الرئيس أوباما خلفاً له، اتهم قسم كبير من الصحافة الأميركية -وخاصة الصحافة التابعة للحزب الجمهوري- الرئيس بأنه يخفي على الأميركيين حقيقة إيمانه وهو أنه على دين والده حسين.. وأنه يحتفظ بإسلامه سراً.. حتى أن استطلاعات الرأي التي جرت بعد عامين من نجاحه في الدورة الرئاسية الأولى، أكدت أن أكثر من 20 في المئة من الأميركيين يعتقدون أن أوباما مسلم! ولا يزال هذا الاعتقاد موجوداً حتى الآن ولو بنسبة أقل، نتيجة للتأثير الإعلامي.