في السادس عشر من شهر يناير الحالي تلقت إيران مكافأة دولية برعاية من منظمة الأمم المتحدة برفع العقوبات عنها، والتي كانت مفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، وبهذا أصبحت السوق الإيرانية مفتوحة أمام المستثمرين في الدول الغربية، وكأن البرنامج النووي الذي لم يكتمل أخطر من محاولات قلب أنظمة الحكم وتقسيم الدول على أساس طائفي وتهريب المتفجرات. وقد احتدم النقاش طيلة الشهور الستة الماضية حول الاتفاق النووي الذي وقعت عليه إيران وكل من الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في منتصف شهر يوليو من العام الماضي. ?وقد ?تركز ?الجدل ?حول ?نقطتين ?رئيستين ?هما ?الفوائد ?التي ?ستجنيها ?الدول ?الغربية ?اقتصادياً ?جراء ?توقيع ?الاتفاق، ?إضافة ?إلى ?قدرة ?الاتفاق ?على ?كبح ?جماح ?التدخلات ?الإيرانية ?في ?دول ?المنطقة. ?وقبل ?أن ?يجف ?حبر ?التوقيع ?على ?الاتفاق ?وطيلة ?الشهور ?القليلة ?الماضية ?تسارع ?ممثلو ?الدول ?الكبرى ?لزيارة ?طهران ?تأكيداً ?على ?حسن ?النوايا ?الغربية ?إزاء ?تلك ?الدولة، ?التي ?كانت ?بالأمس ?تمثل ?أحد ?أضلاع ?الشر ?العالمي، وكان من أوائل من قام بزيارة إيران بعد الاتفاق النووي وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي أكد صعوبة المنافسة الاقتصادية في السوق الإيرانية بعد رفع العقوبات، ولكنه يثق في نقاط قوة الشركات الفرنسية لا سيما في قطاعات السيارات والنقل الجوي والطاقة والصحة والزراعة. وذهبت التوقعات الإيرانية بعيداً عندما نشر سفير إيران السابق لدى فرنسا صادق خرازي مقالاً في صحيفة «الشرق» الإيرانية يقترح فيه «نموذجاً إيرانياً- فرنسياً» يرتكز على الأمن الإقليمي، ثم قام وزير الخارجية البريطاني «فيليب هاموند» بزيارة طهران يرافقه وفد رفيع المستوى من الساسة ورجال الأعمال بينهم ممثلون من «رويال داتش شل» وشركة «أميك فوستر ويلر» وشركة «وير جروب» الاسكتلندية. وقد أكد وزير الخارجية البريطاني للمسؤولين الإيرانيين وجود رغبة قوية لدى كل من القطاع الخاص والمؤسسات المالية البريطانية لاستغلال فرصة رفع العقوبات الدولية والاستثمار في إيران، ?ثم ?جاء ?دور ?ألمانيا ?عندما ?قام ?وزير خارجيتها ?«فرانك ?فالتر ?شتاينماير» ?بزيارة ?إيران ?برفقة ?وفد ?اقتصادي ?رفيع ?المستوى ?يضم ?ممثلي ?شركات ?صناعية ?كبرى ?ومسؤولي ?شركات ?في ?ظل ?توقعات ?غرف ?التجارة ?الألمانية ?بتزايد ?صادرات ?ألمانيا ?إلى ?إيران ?لتصل إ?لى نحو ?خمسة ?مليارات ?يورو ?خلال ?عامين ?فقط ?سيكون ?لشركات ?ألمانية ?كبرى ?مثل ?فولكسفاجن ?وسيمنز ?نصيب ?هائل ?منها. ثم جاء دور القطاع الخاص الغربي عندما صفق مؤسس مجموعة «فيرجين»، ريتشارد برانسون، بقوة عند الإعلان عن الاتفاق النووي، وهو الذي ظل متفائلاً منذ شهر مارس من العام الماضي بإمكانية التوقيع عليه، وصرح وقتها بأن السعي نحو إدخال إيران ثانية في الاقتصاد العالمي من أفضل الأشياء التي تحدث في العالم، ثم أعلنت مجموعة «أكور» الأوروبية الرائدة في مجال الفنادق نيتها التوسع في خططها الاستثمارية في إيران لتكون من أوائل الشركات الغربية التي تقوم بإدارة فندق في إيران منذ الثورة الإيرانية عام 1979. أضف لذلك إعلان شركة «جيوكس» الإيطالية الرائدة في مجال صناعة الأحذية خططها التوسعية في إيران أيضاً. والمحصلة، من المتوقع أن تستوعب إيران خلال العقد القادم ما بين ستمائة إلى ثمانمائة بليون دولار أميركي من الاستثمارات الأجنبية الجديدة في مختلف المجالات. والسؤال الذي يفرض نفسه على القوى الغربية: هل تستحق إيران أن تكون «الكعكة» التي يتسابقون عليها لتحقيق أرباح اقتصادية في ظل سياسات طهران العدائية في المنطقة، التي تركز على التدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول ومساعدة الجماعات الشيعية على الانقلاب على الشرعية والوقوف ضد أنظمة الحكم وتفجير دور العبادة في دول أخرى، وترسيخ النعرات المذهبية بين المسلمين في دول ثالثة، وفوق كل هذا استمرار احتلال إيران لجزر دولة الإمارات العربية المتحدة الثلاث؟!