نحن الآن أمام أهم قضية يتم عرضها على المحكمة العليا خلال العام الجاري. وسوف ينظر النظام القانوني في مدى الشرعية الدستورية لخطة الرئيس باراك أوباما لتأجيل قرارات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، والتي جرت مطالعتها في محكمة الاستئناف الأميركية في جلسة خامسة دون التوصل إلى حكم نهائي بشأنها. ويأتي قرار المحكمة العليا للتكفل بالقضية ليؤكد على الجانب المأساوي للجدل الذي أثارته في شهر أبريل الماضي. ويدفعنا التطور المزعج الذي شهدته هذه القضية إلى التساؤل عما إذا كانت المحكمة العليا قد أصابت عندما تكفلت بمتابعتها بناء على توصية موجهة إليها من إدارة الرئيس أوباما. وجوابي الدستوري على هذا الإجراء يقضي بعدم دستورية الطلب الذي تقدمت به المحكمة لتحويل القضية إليها. كما أن المحكمة فوتت على نفسها فرصة سانحة لاستغلال سلسلة إجراءات سبق لعالم القانون الدستوري الكبير «ألكسندر بيكيل» أن أطلق عليها إسم «المزايا السلبية» passive virtues والتي تتلخص بمبدأ «اتخاذ قرار بعدم اتخاذ القرار»، وذلك من أجل الحفاظ على الشرعية الدستورية للمحكمة بدلاً من إقحامها في معمعة الصراعات السياسية من دون القدرة على ابتداع الإجراءات القانونية المفيدة. ويعود هذا اللغط الدستوري والقانوني من حيث الأساس، إلى موقف اتخذته إدارة أوباما عندما أصرّت على أن المحكمة العليا هي الجهة القضائية الوحيدة المخوّلة بمتابعة هذه القضية الحساسة التي تنطوي على أهمية كبيرة. ولعل الحقيقة القائمة التي لا يتم التطرق إليها إلا قليلاً، هي أن الإجراءات التنفيذية التي تبنّاها الرئيس أوباما لحماية المهاجرين وعائلاتهم من الترحيل القسري، تعد من أهم الإنجازات التي حققتها إدارته. والسؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن: ما الذي سيحدث لو لم تتكفل المحكمة العليا بمتابعة القضية؟ في هذه الحالة، وخلال الأشهر التي تمتد من نهاية يونيو المقبل، والتي من المفترض أن يتم خلالها النطق بالحكم النهائي في القضية، ونهاية شهر يناير المقبل عندما سيغادر أوباما البيت الأبيض، سوف يتم تجميد كل القرارات التنفيذية المتعلقة بالموضوع. وبعد ذلك، إما أن يعمد الرئيس «الجمهوري» الجديد (في حالة فوز الحزب الجمهوري بمنصب الرئاسة) إلى تجميد الإجراءات التنفيذية وإعادة الأمور إلى نقطة البداية كما لو أنه ما من شيء قد تغير، أو أن يأتي رئيس «ديمقراطي» ليعيد إحياء الخطة التي اقترحها أوباما، وهذا ما وعدت به مرشحة الحزب «الديمقراطي» هيلاري كلينتون لو تم انتخابها رئيسة للولايات المتحدة. ووفقاً لهذا السيناريو الأخير، فلن يكون أمام المحكمة العليا من خيار آخر سوى التكفل بالقضية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»