في أبريل 2014 دخل تنظيم «بوكو حرام» الإرهابي بطريقة بشعة وصاخبة إلى مسرح الأحداث الدولية، وأقحم نفسه في واجهة التغطيات الإعلامية المحمومة، بعدما أقدم على اختطاف 276 تلميذة ثانوية، بشمال نيجيريا. وقد توحد المجتمع الدولي كله يومها في التنديد بتلك الجريمة النكراء، وإن لم يوقف ذلك أيضاً متطرفي «بوكو حرام» عند حدّهم، أو يردعهم عن غيّهم، حيث استمروا في نشر الرعب وممارسة العنف الأعمى والإرهاب في مناطق مختلفة من نيجيريا، وبعض دول جوارها القريب، وواصلوا بجنون أعمال القتل والنهب والخطف دون أن يرفّ لهم جفن. وفي كتاب «كنت مختطفة لدى بوكو حرام» الذي نعرضه هنا بشكل خاطف تسجل تلميذة نيجيرية تجربتها السابقة كمختطفة لدى عناصر «بوكوحرام»، حيث تروي يوميات تلك المحنة، وتسردها للكاتبة مينا قاسي، الصحفية بجريدة لومانيتيه الفرنسية، التي وضعت اسمها على الغلاف كمؤلفة مشاركة معها للكتاب. وفي خضم الفزع الذي أشاعه اختطاف أولئك التلميذات النيجيريات ظلت المختطفة السابقة عيشاتو (عائشة) التلميذة النيجيرية المتوفقة في الرابع الإعدادي، تتابع فصول وأخبار تلك الجريمة النكراء من خلال مواقع الإنترنت، وعن ذلك تقول بمرارة: «لقد رأيت بعيني شريط الفيديو الذي ظهرت فيه التلميذات المختطفات من منطقة شيبوك.. وكنت أقول في نفسي، إنني يمكن أن أتعرض أنا أيضاً لذات الفاجعة»! وفي يوم 24 نوفمبر 2014 بدأت نذر تحقق أسوأ توقعاتها تلك، وانقلب وقع حياتها رأساً على عقب، حيث تمكن إرهابيو «بوكو حرام» من وضع يدهم على «داماسك»، مسقط رأسها وبلدتها الأصلية، في شمال نيجيريا.. وبدأ كل شيء في ذلك اليوم المشؤوم سريعاً وعاصفاً، حيث هاجم المتطرفون البلدة في التاسعة صباحاً وأحكموا في رقاب أهلها القصف الشديد والقتل والسحل والتشريد. وقد هربت والدة عيشاتو بها إلى بيت زوج ابنتها الأخرى الذي يعتبر من أعيان البلدة، واختبأ الجميع هناك طيلة الليلة التالية، دون أن يتعرضوا لأذى. ولكن في صباح اليوم التالي حين قررت الأم الهروب بابنتها الشابة من الخطف إلى حدود دولة النيجر المجاورة، وقعتا في فخ نصبه عناصر «بوكو حرام» الذين أسروهما مع 400 امرأة وطفل آخرين كلهم من بلدتها «داماسك»، وذهبوا بالفتاة، التي تروي بالتفصيل ما جرى لها بعد ذلك، حيث اقتادوها إلى بيت مغصوب من أهله، ومع أربعين من الفتيات المخطوفات الأخريات، ألزموهن بارتداء «أزياء أكثر موافقة للدين» بحسب توصيف متطرفي التنظيم، وفهمهم المنحرف للثقافة الدينية، كما حاولوا طيلة فترة أسابيع ممارسة نوع من غسل الدماغ للفتيات، لإقناعهن بتبني ذلك الفهم المنحرف المتطرف، وزيادة على هذا كن يكلفن أيضاً بأداء أعمال منزلية وأشغال سخرة أخرى كثيرة. وفي الأخير تم تسليم كل واحدة منهن لـ«زوج» مزعوم، بالغصب، وكان «زوج» عيشاتو في سن والدها تقريباً، وقد اضطرت لتمثيل دور الزوجة المطيعة حتى خفّت عليها المراقبة، ووثق عناصر التنظيم الإرهابي بأنها لا تفكر في الهروب، ولذا سُمح لها في إحدى المرات، رفقة أربع من المختطفات الأخريات، بدقائق للراحة والتجول، فانتهزن تلك الفرصة، وهربن على وجوهن حتى وصلن إلى أقرب ملاذ آمن، في حدود جمهورية النيجر. ومن هناك تمت إعادة عيشاتو، وجمع شملها بأسرتها، لتكون بذلك إحدى أكثر مخطوفات «بوكو حرام» حظاً، بقدرما صارت أيضاً شاهدة عيان على فظاعة متطرفي ذلك التنظيم الإرهابي، وبشاعة ما يتصفون به من ظلامية ولا إنسانية تفوقان كل وصف. حسن ولد المختار الكتاب: اختطفت لدى بوكو حرام المؤلفتان: عيشاتو ومينا قاسي الناشر: ميشل لافون تاريخ النشر: 2016