هناك الكثير للقلق بشأنه في العالم حالياً، بدءاً من الإرهاب إلى خطر انتشار الأوبئة. ورغم ذلك، فالأمر المقلق هو كيف انقسمت مخاوف العالم على أساس إقليمي، وفقاً للنسخة الحادية عشرة من تقرير المخاطر العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. والخطر الذي يعتبر أنه الأكثر إثارة للقلق هو ذلك الذي نأمل أن يكون قادة العالم في سبيلهم للقضاء عليه. وذكر المنتدى الاقتصادي العالمي أنه قام باستطلاع شمل سبعمائة وخمسين «خبيراً وصانع قرار» من فئات رجال الأعمال والأكاديميين والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لتصنيف تسعة وعشرين خطراً عالمياً. وقد طلب من المشاركين الإدلاء بوجهات نظرهم التي تعتمد على رؤى لمدة عشر سنوات حول احتمال وتأثير التهديدات التي تنقسم إلى خمس فئات: مجتمعية وتكنولوجية واقتصادية وبيئية وجيوسياسية. تبدو مخاوف العالم وكأنها مشتتة جغرافياً، ويمكن القول إنها تعكس بديهية أن كل السياسات محلية. فبالنسبة للأميركيين، فإن القرصنة في السنوات الأخيرة على شركات منها «تارجت» و«هوم ديبوت» وموقع «آشلي ماديسون».. تجعل الهجمات الإلكترونية تتصدر قائمة التهديدات المقلقة باعتبارها أكثر الأخطار المحتملة. وفي أميركا اللاتينية وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، نجد أن المعاناة من السرقات الحكومية والفساد تجعل «فشل أنظمة الحكم» هو التهديد الأكثر جدية. أما أوروبا، التي تعاني من مشكلة اللاجئين، فترى أن الهجرة غير الشرعية هي الخطر الأولى بالعناية، بينما تهيمن الكوارث الطبيعية في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي، حيث تقتل ظاهرة النينو المناخية منتجعات التزلج في اليابان في ظل الطقس الدافئ ويخنق الجفاف إنتاج زيت النخيل في إندونيسيا. وبدلاً من التطلع إلى العقد المقبل، فإن كلاً من هذه المخاوف تبدو كما لو أنها تعكس ما هيمن على عناوين الأخبار في الآونة الأخيرة. وربما تكون نوعيات القادة الذين شملتهم دراسة المنتدى الاقتصادي العالمي هي المسؤولة أكثر من بقية الأسباب الأخرى. وقد تكون محاولة التنبؤ بالمستقبل ممارسة لا طائل منها على أي حال: فمن في عام 2006 استطاع التنبؤ بأن جماعة «داعش» سترعى الإرهاب على نطاق عالمي، أو التنبؤ بوصول مليون لاجئ ليشكلوا خطراً يهدد بانهيار الاتحاد الأوروبي، أو أن تباطؤ الاقتصاد الصيني يمكن أن يدخل العالم مجدداً إلى الركود؟ ومن أكثر نتائج البحث إثارة للقلق، على الرغم من ذلك - باستثناء الشعور العام بالتركيز على الأرباح قصيرة الأجل دون اعتبار للآثار المستقبلية - ما يقوله المنتدى الاقتصادي العالمي من أنه وجده عند تجميع نتائج الدراسة: «إن الفشل في تخفيف آثار التغير المناخي والتكيف معه قد ارتفع إلى القمة، وينظر إليه في عام 2016 باعتباره الخطر الأكثر تأثيراً خلال السنوات القادمة. والخطر المصنف على أنه الأكثر احتمالاً يتمثل في الهجرة القسرية على نطاق واسع، حيث أفسحت المخاطر التي تصدرت القائمة العام الماضي، والتي تتمثل في الصراع بين الدول والعواقب الإقليمية، الطريق للمخاطر البيئية الناجمة عن الظواهر المناخية المتطرفة وفشل التخفيف من آثار تغير المناخ». والتركيز على مشكلة اللاجئين أمر مفهوم نظراً لمدى هيمنة التوابع الناجمة عن الأزمة السورية على الأجندة السياسة لعدة شهور، بيد أن انتشار المخاوف الناتجة عن تغير المناخ أمر مشجع ومحير على حد سواء، وسيكون من الأخبار الجيدة إذا اعترف قادة الكبرى الذين يجتمعون كل عام في المنتدى الاقتصادي العالمي بمدينة دافوس السويسرية بأن مشكلة التغير المناخي بحاجة إلى علاج. لكن يبدو أن هناك افتقاراً إلى الثقة في الاتفاق الذي تم التوصل إليه العام الماضي بين 195 دولة خلال المحادثات التي عقدتها الأمم المتحدة في باريس قبل أكثر من شهر مضى بشأن الحد من انبعاثات الوقود الأحفوري. وإذا كان هذا الاتفاق، والذي يغطي كل شيء بدءاً من وضع حد أقصى للارتفاع في درجات الحرارة إلى تنفيذ أسواق ائتمان الكربون لتمويل الحد من التلوث في الدول النامية، لا يمكنه عكس الاتجاه الذي يقود درجات الحرارة بالقرب من المستويات التي تقول الأمم المتحدة إنها تهدد بنتائج كارثية، إذن فإن كل هذه المخاطر الأخرى تصبح نوعاً ما غير ذات صلة. ----------------------- *محلل سياسي أميركي ------------------------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»