مقابل الإفراج عن أربعة سجناء أميركيين، وافقت الإدارة الأميركية على الإفراج عن سبعة إيرانيين معتقلين لدى الولايات المتحدة والكف عن محاولة توقيف 14 آخرين، اثنان منهم تتهمهما الحكومة الأميركية بنقل أموال إلى نظام بشار الأسد و«حزب الله» في سوريا، فعلى مدى سنوات، استعملت شركة الطيران الإيرانية الخاصة «ماهان إير» طائراتها لجلب جنود وأسلحة إلى الجيش السوري وتنظيم «حزب الله» الإرهابي عبر نقلهم جواً من طهران إلى دمشق، وفق وزارة الخزانة الأميركية. وفي 2013، أصدرت الوزارة عقوبات في حق مدير الشركة حامد عرب نجاد لإشرافه على جهود الشركة الرامية إلى التهرب من العقوبات الأميركية والدولية ومساعدة «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني». وقالت وزارة الخزانة: «إن لدى عرب نجاد علاقة عمل وثيقة مع موظفي «فيلق القدس» حيث يشرف على تنسيق الدعم والخدمات التي تقدمها شركة «ماهان إير» للتنظيم شبه العسكري»، مضيفة أنه «يلعب دوراً مهماً في تسهيل نقل شحنات محظورة إلى سوريا على متن طائرات ماهان إير». وحسب وكالة الأنباء الإيرانية، فإن عرب نجاد هو واحد من الإيرانيين الـ14 الذين سيتم سحب اسمه من النشرات الحمراء التي كانت الشرطة الدولية (إنتربول) قد أصدرتها في حقهم، وهي النشرات التي يتمثل هدفها في ضمان اعتقالهم وتسليمهم للولايات المتحدة بتهم سيتم إسقاطها الآن، وكانت الولايات المتحدة قد أصدرت عقوبات في حق شركة الطيران كلها بتهمة نقل موظفين وأسلحة للحرس الثوري الإيراني و«حزب الله»، الذي تعتبره رسمياً تنظيماً إرهابياً. ومما جاء في بيان صحافي لوزارة الخزانة الأميركية صدر في 2012: «لقد استعملت إيران رحلات شركة الطيران الإيرانية «إيران إير» وشركة «ماهان إير» بين طهران ودمشق لإرسال معدات عسكرية ومعدات للسيطرة على الحشود إلى النظام السوري»، مضيفة أن «حزب الله» ونظام الأسد يقومان بالتنسيق مع شركة «ماهان إير» خلال هجماتهما على المدنيين السوريين ومجموعات المعارضة». ووفق وكالة الأنباء الإيرانية، فإن إيرانياً آخر لم يعد مُلاحَقاً من قبل الشرطة الدولية هو غلام رضا محمودي، الذي يشغل منصباً مهماً في إدارة الشركة. وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت، عندما أصدرت قرارها في حق «محمودي» في 2012، إنه يعمل بشكل وثيق مع «عرب نجاد» للإفلات من العقوبات وشراء طائرة جديدة. ويذكر هنا أنه بينما كانت اللمسات الأخيرة توضع على الاتفاق النووي الإيراني في مايو الماضي، استطاعت شركة «ماهان إير» شراء تسع طائرات تجارية من طراز إيرباص، مستغلةً تخفيف العقوبات الذي جاء مع اتفاق مؤقت عقدته إيران مع القوى الغربية، ويقول خبراء إن سحب الإنتربول لـ«النشرات الحمراء»– التي تعتبر بمثابة مذكرات اعتقال في الواقع – التي كان صادرة في حق عرب نجاد ومحمودي تزيد من تخفيف الضغط على «ماهان إير»، ومن خلالها على نظام الأسد و«حزب الله». ويقول «إيمانويل أوتولينجي»، الباحث في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، وهو مركز بحوث في واشنطن يدعو إلى فرض عقوبات شديدة على إيران: «العقبة الكبرى التي كانت تمنعهم من إدارة أعمالهم في الخارج كانت النشرة الحمراء، وليست العقوبات الأميركية»، مضيفاً «من الواضح أنهم لم يكونوا قادرين على السفر، وسحب النشرات الحمراء يعني أنهم ما داموا لا يحاولون القدوم إلى الولايات المتحدة، فإنهم سيعيشون حياتهم المهنية بدون مشاكل على الأرجح». ويرى «أوتولينجي» أن سحب النشرات الحمراء لديه تأثير رمزي أيضاً لأنه يبعث برسالة إلى البلدان والشركات عبر العالم مفادها أنه لا بأس في أن يغضوا الطرف عن مساعدة «ماهان إير» لنظام الأسد و«حزب الله» إذ يقول: «هؤلاء الأشخاص كانوا منهمكين في شحن الأسلحة إلى نظام الأسد»، مضيفاً «وهذا مؤشر آخر على أنه لن تكون ثمة عواقب بالنسبة لهذه الشركة والجرائم التي ارتكبتها». وقد أكدت إدارة أوباما أكثر من مرة على أن الاتفاق النووي مع إيران وتبادل السجناء حدثان منفصلان، تأتَّيا عبر قنوات دبلوماسية متوازية، غير أن ثمة قلقاً في الكونجرس من أن يكون جهد وقف أنشطة الحرس الثوري الإيراني العنيفة قد تراجع في أعقاب الاتفاق النووي، وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي: «إن هذا الاتفاق المعيب لا يؤدي إلا إلى تعزيز القوات الأمنية والعسكرية الإيرانية التي تسيّر البلاد، واليوم وأكثر من أي وقت مضى نحن في حاجة لسياسة تعكس القوة والتصميم، وليس التراجع والخضوع». ولا شك أن عودة السجناء الأميركيين تمثل خبراً ساراً. وتعتقد إدارة أوباما أن تكاليف التبادل جديرة بفوائده، ولكن بعض تلك التكاليف يمكن أن يشعر بها الشعب السوري، الذي لا كلمة له في هذا التبادل، ولم يجنِ منه شيئاً منه، وما زال يطلب مزيداً من الدعم الدولي لوقف المذابح التي يرتكبها الأسد في حق المدنيين. جوش روجين محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»