«سأقبل بسرور عباءة الغاضب». هكذا رد دونالد ترامب على حاكمة ولاية كارولاينا الجنوبية، نيكي هالي، التي دعت الأميركيين بجرأة، خلال تقديمها الرد الجمهوري على خطاب حالة الاتحاد، لمقاومة إغراء «أتباع الدعوات المضرة الصادرة عن الأصوات الغاضبة». والحق أن لا أحد يبرع في ارتداء عباءة الغاضب مثل ترامب. أما بقية المتنافسين على الترشيح الجمهوري، فيبدون سعداء بمساعدته على ارتداء هذه العباءة. الجمهوريون يعجبهم إلقاء اللوم على ترامب واتهامه باختطاف الحزب، لكن المسؤولية يتحملها أيضاً المتنافسون الآخرون في السباق لأنهم سمحوا بحدوث ذلك، بينما لم يعد تفصلنا عن موعد انتخابات آيوا التمهيدية سوى أسبوعين. وفي هذا الإطار يمكن القول: إن مناظرة مساء الخميس مثلت تطوراً آخر يبعث على الكآبة: ذلك أن أياً من الرجال الأربعة الواقفين على الخشبة- ماركو روبيو أو جيب بوش أو كريس كريستي أو جون كاشيش– كان يمكن أن يكون بديلاً ممكناً للخوف والشعبوية التي يقدمها ترامب وتيد كروز.. لكنهم بدلاً من ذلك وقفوا على الخشبة وراحوا يتشاجرون في ما بينهم، ولم يقدموا شيئاً غير تقليد ضعيف لغضب ترامب. على سبيل المثال، فعندما سُئل كل واحد منهم عن رأيه في مخطط ترامب القاضي بمنع المسلمين من الهجرة إلى الولايات المتحدة، قال كاشيش: «إنني من المؤيدين لتعليق استقبال اللاجئين السوريين»، وقال كريستي: «لقد قلتُ منذ البداية إنه ينبغي ألا نستقبل أي لاجئين سوريين»، وقال روبيو: «ترامب استغل بعض مشاعر الغضب الموجودة حول هذا الموضوع»، بينما قال كروز: «أتفهم لماذا قال ترامب ما قاله، وأفهم لماذا يشعر الأميركيون بالإحباط والخوف والغضب». كان بوش الوحيد الذي عبّر عن الغضب من تصريح ترامب، إذ ردّ متسائلا: «كل المسلمين، حقاً؟»، لكنه لم يحظ بفرصة لإبراز التباين مع موقف ترامب في المناظرة السباعية. السباق الجمهوري يوصف عادة باعتباره تنافساً بين مرشحين لديهم فرصة ضئيلة في الفوز والمؤسسة الحزبية، لكنه في الواقع معركة بين الشعبويين (كروز وترامب) والأنانيين (روبيو وبوش وكريستي وكاشيش). وهؤلاء الأخيرين يرفضون تنظيف الميدان حتى يستطيع أحدهم هزم الشعبويين. بن كارسون، المتنافس الآخر على الخشبة، بدا شارداً خلال المناظرة. استطلاعات الرأي تؤكد الوضع الصعب، إذ يحصل ترامب، في المتوسط، على قرابة ثلث أصوات الجمهوريين، بينما يحصل كروز على الخمس. أما الأربعة الآخرون، فيحصلون معاً على نحو ربع الأصوات، وهو ما يكفي لمنح الناخبين بديلاً ممكناً لترامب وكروز، لو أنهم يقدمون البلد على بقية الاعتبارات. والأدهى من ذلك أنهم يبدون راضين عن تقليد ترامب ومحاكاته. كما أنه لا أحد منهم استطاع أن يكون نداً لترامب في التخويف من الآخر وكراهيته. والواقع أنه لا توجد طريقة لبز ترامب في الشعبوية. وبالتالي، فإذا كان منافسو ترامب الآخرين سيكتفون بتقليد غضبه وشكّه المرضي، فلماذا يفترض بالناخبين أن يقبلوا النسخة المقلدة إذا كانوا يستطيعون الحصول على النسخة الأصلية؟ الحل الأفضل، بالطبع، هو تقديم بديل، وهو أمر لا يستطيع الجمهوريون الآخرون القيام به لأنهم منهمكون في الاقتتال في ما بينهم، فيما يقترب ترامب من الفوز بترشيح الحزب الجمهوري! دانا ميليبانك محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»