أدلى الرئيس باراك أوباما، الثلاثاء الماضي، بخطابه السنوي حول حالة الاتحاد أمام جلسة مشتركة للكونجرس الأميركي. وفي يوم الخميس، عقد المرشحون الجمهوريون الذين يتنافسون على ترشيح الحزب مناظراتهم السادسة المتلفزة. وبدت الفروق شديدة الوضوح، كاشفة مدى الانقسام الحزبي العميق الذي شلّ بطريقة مأساوية قدرتنا على التعامل مع القضايا الحرجة التي تواجه بلادنا. ومن جانبه، سعى أوباما إلى تأطير تصريحاته في خطاب حالة الاتحاد باعتباره واثقاً ومتفائلاً ومتطلعاً للأمام. وتحدى هؤلاء الذين يروجون لليأس والاستخفاف، مشيراً إلى التقدم الذي تم إحرازه على أصعدة خفض معدلات البطالة إلى النصف، وإنقاذ قطاع السيارات الأميركي، وتمرير قانون إصلاح الرعاية الصحية الذي مكن 17 مليون أميركي إضافي من الحصول على تغطية صحية، ورغم إقرار أوباما بأنه لا تزال هناك مشكلات حقيقية حول غياب المساواة في الدخل، فقد أشار إلى أنه مع ضخ مزيد من الاستثمارات في شرايين قطاعات التعليم والتدريب الوظيفي واستمرار إصلاحات «وول ستريت»، يمكن إحراز مزيد من التقدم. واستغل الرئيس أيضاً خطابه لتحدي المفهوم الذي يروج له البعض من أن أميركا تواجه تراجعاً في أنحاء العالم، وبينما لا يمكن إنكار أن واشنطن تواجه تحديات جديدة من منطقة الشرق الأوسط التي تشهد اضطراباً داخلياً وتجرؤاً من روسيا وتعدياً من الصين وتهديداً مستمراً من الإرهاب، فقد أشار أوباما أيضاً إلى أنه في وجه كل هذه التحديات، هناك تعاون مع حلفائنا، كما أحرزنا تقدماً في معالجة التغير المناخي ووقف انتشار إيبولا، وفي التوصل إلى اتفاقيات لوقف برنامج إيران النووي، وتعزيز التجارة مع الشركاء الآسيويين، وفي الانفتاح على كوبا. وخلص أيضاً إلى أنه رغم العقبات الدبلوماسية، والصراعات المستمرة والمزعزعة للاستقرار، وتواصل تهديد الإرهاب، فإن مكانة أميركا تحسنت لدى معظم دول العالم. وكما هو الحال في كل الخطابات حول حالة الاتحاد، اقترح الرئيس أن يتخذ الكونجرس إجراءات في بعض المجالات التي يصر على أنها ستعزز التقدم الذي أحرزناه، وترسخ لمزيد من الازدهار والأمن الأميركي مستقبلا. بيد أن أكثر أقواله المؤثرة في الخطاب جاءت مع اقتراب نهايته، عندما عاد إلى الموضوع الذي شكل حياة الشعب بأسره، وهو الحاجة إلى وضع حد لـ«الضغينة» و«الشك» اللذين قسما المجتمع وقضيا على التعاون بين الحزبين «الديمقراطي» و«الجمهوري». وبدأ بحض أصحاب المناصب على «رفض أي سياسات من شأنها استهداف الناس بسبب العرق أو الدين»، وتابع: «إن هذا الأمر لا يتعلق بالصواب السياسي، ولكنه يتعلق بفهم ما يجعلنا أقوياء، فالعالم يحترمنا ليس فقط بسبب ترسانتنا، ولكن أيضاً بسبب تنوعنا وانفتاحنا، والطريقة التي نحترم بها جميع العقائد، وعندما يهين السياسيون المسلمين، فإن ذلك لا يجعلنا أكثر أمناً، وإنما يقلل شأننا في عيون العالم، ويصعّب تحقيق أهدافنا، ويمثل خيانة لما عليه دولتنا». واختتم أوباما خطابه بمناشدته: «إن المستقبل الذي نريده هو فرصة وأمن لأسرنا، وارتفاع في مستوى المعيشة، وكوكب مستدام وآمن لأطفالنا، وكل ذلك في متناول أيدينا، لكنه لن يتحقق ما لم نتعاون، وما لم نقم بمناظرات حكيمة وبناءة، وما لم نصلح سياساتنا. ولا يعني ذلك أنه يتعين علينا الاتفاق على كل شيء، لكن لن يجدي الأمر أيضاً إذا اعتقدنا أن خصومنا السياسيين غير وطنيين أو يحاولون إضعاف أميركا. وبالطبع ستراوح الديمقراطية مكانها من دون وجود رغبة في التوصل إلى حلول وسط، وستضعف حياتنا العامة عندما تحصل أكثر الأصوات تطرفاً على جل الانتباه، ومن ثم علينا أن نغير النظام ليعكس أفضل ما فينا».