عادت لغة «سجاد القنابل» إلى الحضور بقوة في خطابات السياسيين الأميركيين والمرشحين إلى الرئاسة. دفن «داعش» تحت «سجادات من القنابل». مسح «داعش» بـ«سجادات من القنابل». و«تهديد روسيا ضروري بسجاد من القنابل لوقف جموحها وتفلّتها». هذه نماذج من التصريحات وكلها تستهدف منطقتنا حتى تلك المتعلقة بروسيا، لأن الكلام انطلق من التدخل الروسي في سوريا، والذي فرض أمراً واقعاً في المنطقة وشروطاً في وجه أميركا وسياساتها وحساباتها.. يروي أحد الدبلوماسيين الأميركيين المخضرمين ويعمل الآن في أحد مراكز الأبحاث والدراسات الهامة، وقد وقع خلاف بينه وبين بنيامين نتانياهو (بيبي)، العام الماضي، حول أمور متعلقة بالشرق الأوسط و«السلام» مع الفلسطينيين، أنه التقى مسؤولاً زميلاً له زار إسرائيل مؤخراً وكان نقاش بينه وبين «بيبي» تناول الوضع في المنطقة العربية والعلاقات الإسلامية الإسلامية والمخاطر التي تحيط بإسرائيل. المسؤول الأميركي المتعاطف مع الدولة العبرية، نبّه «بيبي» إلى ضرورة تخفيض الإجراءات الأمنية ضد الفلسطينيين وتهدئة الأوضاع بعد الهبّة الفلسطينية، كي لا تفلت الأمور وتأخذ أبعاداً دينية خطيرة من جهة، وتترك انعكاسات على سمعة إسرائيل ومكانتها الدولية من جهة أخرى، بعد تلويح السلطة الفلسطينية بالذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية، والحديث عن احتمال حلّ السلطة، وبالتالي تعميم الفوضى في إسرائيل وداخل مناطق «السلطة»، إضافة إلى مسألة مقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة، وإلغاء عقود مع شركات إسرائيلية كثيرة في عدد من الدول الغربية، وتكوين حالة من العزلة لإسرائيل! الكلام تقليدي، لم يخرج صاحبه عن التأكيد بأن إدارة أوباما، ورغم كل الخلافات مع «بيبي»، لم تتردد في حماية مصالح إسرائيل الاستراتيجية في مجلس الأمن من خلال منع إدانتها، وعبر تأمين كل مقومات ومستلزمات الدفاع عن نفسها عسكرياً وأمنياً وتقنياً وسياسياً وإعلامياً، والتأكيد على حقها في استخدام كل ما تراه مناسباً في عملية الدفاع هذه! وأجاب «بيبي»، حسب الدبلوماسي الأميركي السابق و«الباحث الأكاديمي» حالياً: «سمعنا هذا الكلام مراراً، لكنكم جميعاَ -أوروبا وأميركا- اضطررتم إلى تقديم مسألة الإرهاب عليه وعلى أي أمر آخر. وها هي لغة سجاد القنابل والمسح والدفن والتدمير لكل بنى الإرهاب تتصدر خطاباتكم وبياناتكم! الخطر يا عزيزي هو هنا. الإرهاب. الإرهاب. وهو يواجهنا كما يواجه «جيراننا» العرب. ألم تسمع من داخل صفوفهم من يتحدث عن «حرب داخل الإسلام»؟ ألا تعرف أنت ماذا يقولون لكم وبعضهم يقول لنا في مناسبات ومؤتمرات ولقاءات كثيرة هذا الشيء؟ ألم تركّبوا تحالفات من جانبكم، ثم جاءت روسيا لتركّب تحالفها، والآن يبحثون عن تحالف إسلامي ضد الإرهاب، وكلها تصبّ في هذا الاتجاه؟ إنهم يتحدثون عن هذا الإرهاب بل عن إرهاب واحد، مصدره واحد، بيئته واحدة.. وهذا ما كنا نحذّر منه بالأساس، إنه الإرهاب الإسلامي»! قال المسؤول الأميركي: «ثمة من داخل دولتكم من يتحدث عن الإرهاب اليهودي». أجابه «بيبي»: «هي حالة موجودة في كل دول العالم. وثمة من يتحدث عن إرهاب في مجتمعكم الأميركي واتجاه للحد من انتشار الأسلحة. لكن الإرهاب الإسلامي حالة دولية خطيرة جداً تطارد الجميع»! وأضاف: «على كل حال انظر ماذا يجري. نحن لسنا مستعجلين. إنهم يدمرون كل الدول والجيوش. هذا هو الواقع. ونحن لسنا مسؤولين. هم يتهمون بعضهم بعضاً ويقاتلون بعضهم بعضاً. بدأ كثيرون يدركون أن المشكلة في المنطقة ليست في إسرائيل أو في الصراع العربي الإسرائيلي أو الفلسطيني الإسرائيلي. وعلى كل حال، منذ عام 1948 وحتى اليوم، لم يتعرض العرب لمجازر وخسائر في حروبهم معنا تقاس بشيء مما فعلوه بأنفسهم وما يجري اليوم على أراضي دولهم. هل سمعت بمضايا يا عزيزي؟». قال الأميركي: «نعم يا بيبي». سأله: «هل قرأت موقف الأمم المتحدة القائل بأنه أبشع مشهد رآه مندوبو المنظمة الدولية في الحروب؟»، قال الأميركي: «نعم يا بيبي.. لكن هذا لا يكفي لاستمراركم في سياستكم ضد الفلسطينيين». فقال «بيبي» كلاماً استخدم اللغة العربية لتوصيفه، عبّر فيه عن ارتياحه واستقوائه: «مضى يا حبيبي بعد مضايا زمن اتهام إسرائيل وتحميلها المسؤولية»! هل نسمع ونقرأ جيداً ونفهم لنتعّلم؟ ---------------------------------------------------- *نائب برلماني ووزير سابق -لبنان