يطمح تنظيم «داعش» لإعلان موطئ قدم واحد له على الأقل في آسيا عام 2016. ومن المتوقع أن تكون الفلبين وإندونيسيا هما الهدفان الأكثر ترجيحاً بالنسبة للتنظيم. ومن المعروف أن منطقة جنوب شرق آسيا قد ظهرت بالفعل في الآونة الأخيرة، كمركز رئيسي لتجنيد مقاتلي داعش، حيث يقدر أن ما يزيد عن 500 إندونيسي، وعشرات من الماليزيين قد انضموا للتنظيم وشكلوا ما يعرف بـ«كتيبة نوسانتارا» أو (وحدة أرخبيل الملايو القتالية). في الأسبوع الماضي، أفادت تقارير صحفية أن انتحاريين ماليزيين من هذه الوحدة تحديداً قد فجرا نفسيهما في سوريا والعراق خلال الأسبوعين الماضيين، ما أدى إلى مصرع ما يزيد على 30 شخصاً، ولكن زعماء وخبراء حذروا أيضاً من قدرة «داعش» على الحصول على موطئ قدم، أو على الأقل تأسيس كيان تابع في جنوب شرق آسيا. من هؤلاء رئيس وزراء سنغافورة «لي هسين» الذي حذر أثناء «حوار شنجريلا» العام الماضي من أن «داعش» يمكن أن يؤسس قاعدة له في مكان ما في المنطقة، على صورة منطقة جغرافية تكون تحت سيطرته الفعلية كما هو الحال في سوريا والعراق. يوم الثلاثاء الماضي، وفي مقال رأي كتبه في جريدة «ستريتس تايمز» التايوانية، استنتج خبير الإرهاب «روهان جوناراتنا» أن «داعش» قد ينشئ فرعاً واحد له على الأقل في جنوب شرق آسيا هذا العام، وأن هذا الفرع سيكون على الأرجح في الفليبين وإندونيسيا، وهو ما ستترتب عليه تداعيات مفزعة للمنطقة بأسرها. يرى «جوناراتنا» إن الدولة الرئيسية المرشحة لأن تكون موطئ قدم لـ«داعش» هي الفلبين، وهو أمر لا يدعو للدهشة، ففي هذا البلد تواجدت قاعدة لتدريب الإرهابيين من قبل، وخصوصاً بالنسبة لفرع «القاعدة» في جنوب شرق آسيا المعروف بـ«الجماعة الإسلامية». ومما يشار إليه في هذا السياق أن عدداً من المجموعات المحلية قد أعلنت ولاءها لأبي بكر البغدادي الذي نصَّب من نفسه خليفه للمسلمين، كما قام ما يعرف بـ«أهل الشورى» بتعيين«إيسنيلون هابيلون» زعيم جماعة «أبو سياف» في باسيلان كقائد عام لما يعرف بـ«الدولة الإسلامية في الفلبين»، وأضاف «جوناراتنا» في مقاله «عما قريب سيعلن داعش عن فرع تابع للخلافة في أرخبيل سولو». يرى «جوناراتنا» أن تداعيات ذلك ستكون وخيمة، وأن داعش لو نجح في إنشاء ملاذ آمن في باسيلان، وشن عمليات من أرخبيل «سولو»، فإن معسكرات التدريب التابعة له، ستجتذب مجندين من مواطني الدول الآسيوية المجاورة الذين لا يستطيعون الذهاب لسوريا مثل ماليزيا، وأستراليا، بل وحتى الصين. بالإضافة لذلك فإنه من «المحتمل جداً» أن يرسل «داعش»، خبراء مفرقعات، وخبراء تكتيكات قتالية، وغيرهم من الأعضاء إلى تلك المناطق، وعندما يقوم التنظيم بتعزيز نسخته من الإسلام في تلك المناطق فإن ممارسات قطع الرؤوس، والمذابح الجماعية وغيرها من الفظائع يحتمل أن تنتشر أيضاً، ولإجهاض كل ذلك، يحث «جوناراتنا» القوات المسلحة الفلبينية على نشر جنودها في سولو، وباسيلان، وتاوي-تاوي، بالإضافة للتركيز على كسب قلوب وعقول المسلمين، لتقليل الدعم الذي يمنحونه لـ«داعش». يقول عن ذلك: «إذا ما تمكنت القوات المسلحة الفليبينية من السيطرة على أرخبيل «سولو»، فإن داعش لن ينجح في إعلان دولته التابعة في الفلبين أو تشغيلها، أو توسيعها، وهو ما سيترتب عليه تداعيات بالنسبة لماليزيا، والمنطقة، وما وراءها. أما الدولة الثانية المرشحة لإيواء فرع «داعش» كما يرى جوناراتنا فهي إندونيسيا، وهذا ما اتضح عبر هجمات الخميس الماضي في العاصمة جاكارتا، والحجج التي يقدمها لإثبات صواب تخمينه في هذا الشأن، أقل نضجاً بكثير من تلك الخاصة بالحالة الفلبينية. و«جوناراتنا» ليس هو الوحيد الذي يشعر بالقلق حيال تمدد «داعش»، ففي الشهر الماضي فقط، حذر المدعي العام الأسترالي «جورج برانديس» من أن «داعش» قد حدد إندونيسيا كموقع لما يعرف بـ«الخلافة البعيدة»، ويعترف «جوناراتنا» أن مما يحسب للجيش الإندونيسي أنه قد أحبط خطط «داعش» لإعلان دولة تابعة لما يعرف بالخلافة في إندونيسيا الشرقية، وفي هذا الأسبوع صرح مصدر بالشرطة الإندونيسية أن قوات الشرطة تشن حملة أكثر شراسة في الوقت الراهن على «بوسو» والمناطق المحيطة للقبض على «أبو وردة» المشهور باسم «سانتوسو»، الذي يعتبر أشهر داعم لداعش في إندونيسيا وأكثرهم بروزاً، وأضاف المصدر أن قوات الأمن الإندونيسية، قد شنت هجمات على مناطق أخرى وألقت القبض على العديد من الأشخاص المهمين، لإيقاف تنفيذ هجمات جرى التخطيط لها، وأن تلك العمليات قد أدت إلى القبض على عدة مقاتلين في «جاوا» في ديسمبر الماضي، بمساعدة من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، والشرطة الفيدرالية الأسترالية، والسلطات السنغافورية. براشانت باراميسواران* *كاتب متخصص في شؤون جنوب شرق آسيا والشؤون الأمنية الآسيوية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»