أعتقد أن وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس الدورة الطارئة لوزراء الخارجية العرب الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، بلور الخطة السياسية العربية اللازمة تجاه إيران، وذلك مرتين، الأولى في كلمته الافتتاحية للدورة والثانية لدى ترؤسه المؤتمر الصحفي الختامي الذي حضره وزير الخارجية السعودي والأمين العام لجامعة الدول العربية. إن هذه الخطة الواضحة لدى الشيخ عبدالله بن زايد تقوم على خطين متوازيين، الأول ضرورة إيجاد موقف عربي موحد ورادع للتدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية، والثاني دعوة إيران للتخلي في سياساتها تجاه العرب عن النفس الثوري الذي ينتج سياسات مغامرة تسيء إلى علاقات الجوار بينها وبين الأمة العربية. ولا شك أن ذلك يضع إيران أمام أحد خيارين، إما أن تواصل تدخلاتها في شؤوننا العربية، فتدفع ثمناً فادحاً جراء توجهها الثوري الأرعن، أو أن تختار أن تكون دولة طبيعية تتصرف طبقاً لقواعد حسن الجوار واحترام سيادة جيرانها فتحظى بفرصة التعاون المثمر والعلاقات البناءة لصالح شعبها وازدهار حياته. وأعتقد أنه على الإعلام العربي التأكيد على ذينك الخيارين انطلاقاً مما أكده الشيخ عبدالله بن زايد من أن شعوب الأمة العربية تريد أن تركز على تنمية أوطانها وليس الاشتباك في صراعات تفرضها إيران. أرى أنه يجب استخدام كل الوسائل والقنوات المتاحة لإبلاغ حكام إيران وشعبها بهذه الرسالة الواضحة التي تقول لهم بلسان العرب مجتمعين، أهلاً بكم جيراناً طبيعيين متعاونين محترمين لشؤوننا الداخلية وسيادتنا، وويلاً لكم إذا جئتم إلينا متدخلين ومثيرين للفتن ومحرضين على العنف والفوضى. هذا هو منطق التخيير الذي نأمل أن يقع موقع التأثير الإيجابي في عقول القائمين على حكم إيران، رغم إدراكنا أن تغيير سياسات الدول عملية بطيئة تأخذ وقتاً. المهم أن نبلغ رسالتنا للإيرانيين وأن نلحظ بداية حتى ولو كانت متثاقلة للتغيير من سياسات النفس الثوري المعربدة بدون حسابات عاقلة إلى سياسات تقوم على منطق الدولة العاقلة وحسابات المصالح الواقعية. لحسن حظ العرب أن الدورة الطارئة لوزراء الخارجية العرب التي اجتمعت يوم الأحد بالقاهرة، سبقتها قرارات قوية اتخذتها الدورة الطارئة للاجتماع الاستثنائي لدول مجلس التعاون الخليجي مثلت مرتكزاً قوياً انطلق منه الوزاري العربي. قال الشيخ عبدالله: «ونحن اليوم نؤكد الموقف العربي الحازم والحاسم والذي يرفض رفضاً قاطعاً أن تكون شؤوننا وشجوننا محل تدخل هذه الدولة أو تلك». لقد انطلقنا إذن في دورة القاهرة بقوة لنؤسس على ما تحقق في دورة الرياض التي انعقدت يوم السبت، فجاءت مطالبة الشيخ عبدالله بن زايد لأشقائه وزراء الخارجية العرب مثمرة، حيث قال: «نطالب كافة الدول الشقيقة باتخاذ موقف واضح لوقف إيران عن الاستمرار في التدخل في شؤون المنطقة وإغراقها في الصراعات والفتن، ونأمل من اجتماعنا هذا الخروج بموقف عربي قوي في إطار التضامن ووحدة الأمن القومي العربي». لقد وضع الشيخ عبدالله، باسم العرب، إيران أمام خيار التراجع وتصحيح سياساتها عندما قال: «ونطالب الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالامتناع عن التدخل في شؤون الدول العربية والكف عن الانتهاكات والأعمال الاستفزازية ومحاولات بث الفرقة والفتنة بين مواطني الدول العربية أو عبر دعم التخريب والإرهاب والعنف». الرسالة السياسية العربية واضحة ومفصلة، وبقي أن نسمع الرد العاقل من طهران.