العام الماضي كان سيئاً لمعظم دول أميركا اللاتينية، فقد جاءت المنطقة في أسفل قائمة العالم في النمو الاقتصادي وتصدرت القائمة في التضخم وحققت أكبر عجز مالي بعد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن بنما برزت وسط جيرانها كأسرع الاقتصادات نمواً في الأميركيتين بما يقرب من ستة في المئة في عام 2015 مقارنة مع انخفاض بما يقرب من واحد في المئة لأميركا اللاتينية ككل ويرجح أن يتكرر هذا الأداء العام الجاري وفقاً للبنك الدولي. ويرجع جانب من الفضل في هذا إلى قناة بنما التي يجري توسيعها، والتي من المتوقع الانتهاء منها هذا العام، ومع الانتهاء من مشروع القناة ستتضاعف قدرة الشحن وتسمح لسفن شحن أكبر بعبور الممر المائي، مما يدعم الدور التاريخي للبلاد باعتبارها مخزن الاقتصاد العالمي، ونتيجة لهذا امتلأ هذا البلد الصغير الذي يقطنه أربعة ملايين نسمة بناطحات السحاب ومشروعات الأشغال العامة الكبيرة. والإيقاع شديد السرعة لمشروع قناة بنما الذي بدأ عام 2007 كان له ثمن، فالرشوة والفساد والسياسات القذرة كلها شائعة في أميركا اللاتينية. ولننظر إلى الرئيس السابق ريكاردو مارتينيلي الذي حاز على الإشادة أثناء توليه المنصب لإسقاطه الحواجز التجارية والقيود القانونية ليزدهر الاستثمار من بناء الطرق وتجديد الحضر وإنشاء أول قطار أنفاق في أميركا اللاتينية وخلق ملايين الوظائف، مما ساعد على تقليص الفقر وتسبب في نمو فاق العشرة في المئة في وقت سابق من هذا العقد، ونتيجة عمله هذا حقق قطب متاجر التجزئة والمصرفي السابق في سيتي جروب معدلات تأييد يحسد عليها لفترة من الوقت، لكن ربما دون تحقيق شيء آخر يذكر بجانب هذا، ومارتينيلي الذي تولى السلطة عام 2009 لم يخلق الفساد من عدم في بنما لكنه «رفعه إلى مستوى جديد» بحسب تعبير «رامون ريكاردو أرياس» من منظمة الشفافية الدولية. ومما يحسب لبنما أن البلاد تتصدى لهذا الفساد من خلال الضغوط الشعبية في الشوارع ونائب عام ومدققين ماليين اتحاديين نزهاء. وهناك خمسة من معاوني «مارتينيلي» حالياً في السجن، كما أقر شخص عين من قبل في المحكمة العليا، وأصبح فيما بعد كبير قضاة بأنه ضالع في كسب غير مشروع وتزوير مستندات، والحملة الأولية أكسبت خلف «مارتينيلي» ارتفاعاً لوقت قصير في الشعبية، لكن بريق الرئيس البرازيلي الحالي تلاشى مع عدم وفائه بوعوده في تطهير الحياة السياسية من خلال تعزيز عمليات المراقبة الدستورية والتوازن بين السلطات. ماك مارجوليس ــ ـ ــ ــ ــ ـ ـ ـ محلل سياسي برازيلي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»